تجعله في مكان المفجوع بنفسه .. تجعله يشعر بمرارة اليتم .. بليل اليتم يخيّم على أبنائه .. فإذا لم يكن صاحب قلب رقيق ومرهف .. فالآية التي بعدها تصدع قلبه المتحجر .. وتملأ بطنه الجشع بالجمر والنار .. وتقذف به في الجحيم والسعير الذي لا ينطفئ .. أما الآية الثالثة .. فهي رحمة من الله الرحيم بالأولاد أكثر من رحمة الآباء بأولادهم .. والأبناء بآبائهم .. إن الله يوصي الآباء بأبنائهم .. والموصي أرحم من الموصى.
وقد جعل الله نصيب الذكر أكثر من نصيب الأنثى في الميراث مرتين .. لأن عليه مسؤوليات تجاه الأنثى عديدة .. فالرجل يجب عليه الإنفاق على أمه وأخته وزوجته وابنته .. وهو الذي يدفع المهر لزوجته .. بل يجب عليه أن يكسو زوجته .. وأن يقدم لها الطعام جاهزًا للأكل، كما قال - صلى الله عليه وسلم -:
(حق المرأة على الزوج أن يطعمها إذا طعم، ويكسوها إذا اكتسى)(١) إنها فريضة من الله .. وهو الذي خلق هذا الإنسان- المعجزة .. وهو أعلم به وأحكم وأدرى بما يجعل حياته سعيدة مشرقةً دائمًا .. وقد بيَّن - صلى الله عليه وسلم - أن الفتاتين لهما حكم ما فوق الاثنتين .. عندما خاطب شقيق سعد بن الربيع .. أخبرنا بذلك جابر بن عبد الله .. الذي تراكمت عليه المسؤوليات .. وربما كانت هي سبب مرضه الآن ..
إنه يعاني من وعكةٍ ألزمته الفراش بين أخواته يمرضنه ويخفن أن يغادرهن كوالدهن رضي الله عنه .. لقد اشتدّ به المرض فلم يعد يعقل شيئًا .. وانتقل خبر مرضه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فاتجه هو وصاحبه أبو بكر رضي الله عنه إلى حي بني سلمة لزيارته .. يقول جابر رضي الله عنه: