للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا (١٢) وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا (١٣) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (١) آيات عظيمات .. آيات تخترق أعذار بعض الأعراب الواهية لتنزع منها جبنهم وأسرار تخلفهم .. ولا بد أن المنافقين شاركوهم الرأي والتخلف .. لم يلح النبي - صلى الله عليه وسلم - عليهم .. فلا خير فيهم ولا في صحبتهم .. إنه ليس بحاجتهم عند جلاد السيوف والعراك .. فكيف يكون اليوم بحاجتهم وهو لا يريد سوى السلام وزيارة بيت الله وأداء العمرة فيه .. فقد (خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الحديبية يريد زيارة البيت، لا يريد القتال، وساق معه الهدي سبعين بدنة) (٢) ساقها معه من المدينة لينحرها لله في مكة .. فكما أن الصلاة لا تجوز إلا لله وحده لا شريك له .. فكذلك النحر لا يجوز لأحد كائنًا من كان إلا الله وحده لا شريك له .. يقول سبحانه: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (١) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (٣)} (٣) ولم يأخذ - صلى الله عليه وسلم - الهدي معه فقط .. بل أخذ السلاح أيضًا ..

لم يأخذه ليقاتل به بل احتياطًا .. فالطريق طويلة وشاقة وقد تباغت قريش أو أعوانها من هنا أو هناك .. خرج - صلى الله عليه وسلم - من المدينة وكان عدد الذين خرجوا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يصل إلى ألف وأربعمائة .. توجه إليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بقلبه وحديثه .. وبشرهم ببشرى تتطامن أمامها كنوز الدنيا ومساحاتها


(١) سورة الفتح: الآيات ١١ - ١٤.
(٢) سنده صحيح رواه ابن إسحاق ومن طريقه أحمد (٣/ ٣٢٣) حدثنا الزهرى عن عروة، عن المسور ومروان .. وسند ابن إسحاق هو سند البخاري في روايته لقصة الحديبية وقد صرح ابن إسحاق هنا بالسماع.
(٣) سورة الكوثر: الآيات ١ - ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>