فجمعه على أصله، ذكر ذلك عنه أبو محمد جعفر بن درستويه النحوي في " شرح الفصيح " ويقال على هذا في جمع المرأة مرآتٍ، فأما امرؤ وامرأة فمنتقل عن أصله بألف وصلةٍ، ونحن نحتاج إلى مزيد في شرحه، وذلك أنه اسم، وألف الوصل من خواص الأفعال، لأنه يعرض فيها ما يحتاج لأجله اليها، وهو أن المستقبل كان من حقه أن يكون مفتوح الأول على قياس ماضيه فيقال: يعمل ويصنع، فثقل عليهم توالي أربع حركات، ولم يكن إلى إسكان الأول سبيل، لتعذر الابتداء بالساكن، ولا إلى إسكان الثالث لأنه عين الفعل، وبحركته يعرف اختلاف الأبنية، ولا إلى إسكان الرابع لأنه مركز الإعراب، فأسكنوا الثاني إذ كان لا يمنع من تسكينه مانع، فصار يعمل، فلما احتاجوا إلى الأمر حذفوا حرف المضارعة الذي هو الياء المخبرة عن فاعل غائب لغناهم عنها، وذلك أنها علامة الاستقبال والأمر لا يكون إلا مستقبلاً، لا يجوز أن تأمر بماضٍِ فأغنت هذه النصبة عن حرف الاستقبال، مع طلبهم التخفيف، فبقيت فاء الفعل ساكنةً، وليس يجوز الابتداء بساكنٍ فاحتاجوا إلى الهمزة ليتوصلوا بها إلى النطق بالساكن، إلا أن يكون معتلاً أو مدغماً، فيكون اعتلاله أو إدغامه قد حرك أوله، والرباعي وما وراءه من الأبنية يجري هذا المجرى، والتأمل له مع هذا المثال الذي أوردناه يغني عن استقرائه، وقصدوا الهمزة لعلتين: إحداهما أنها أول مخرجا، فكانت أول شيء ليقيم من الحروف عند الاستقراء، والعلة الثانية: تيسر حذفها عند الأدراج، وسميت الهمزة ألفاً لأنها تنقلب إلى الألف قوال " راس " وأصله " رأس " وقد تنقلب ياء في قولك " ذيب " وقد تنقلب واواً في قولك " سرو " إذا لينت " السرو " وهو البقية، ومنه سائره - مهموزاً - أي أخذت بقيته - والناس كثيراً ما يغلطون هاهنا فيخبرون بسائره عن جميعه، وذلك خطأ، وأصله ما بينته لك.
وعلة أخرى في تسمية همزة الوصل ألفاً وهي أن الهمزة - كما قلنا - في أول المخارج، والألف فهي أول الحروف المرتبة للمعجم، فكان بينهما بذلك مناسبة أوجبت الاشتراك في التسمية، ولذلك خصت الهمزة باسمها دون الواو والياء، وقد ينقلبان عنها.