وكان محمد هذا قوي ضليعاً، ويحكى أنه كان يلوي العمود ويلقيه إلى أخته ريطة فترده، وعاتبه المهدي يوماً وهو أمير فغمز ركابه حتى ضاق وضغط رجله فلم يقدر على إخراجها حتى رده فأخرجها، فمثل الآن وقايس بين قوة حسه وبين وهن قوى نفسه، وإنخذال روحانية قلبه، وإسفافه لمطمع شائن إذا كان محصولاً، وتعرضه لحرام فاضح لو كان محللاً، وأجعل ذلك - إن شئت شكاً على الأطباء، واعتراضاً على روايتهم عن جالينوس إن قوى النفس تابعة لمزاج البدن، وهو في غير موضع من كتبه، يروم أن يبين أن مزاج البدن تابع لقوى النفس أيضاً.
ثم إن أبا جعفر سمى محمداً على يد خصيب الطبيب، فمات، وكتبت أمه إلى أبي جعفر تشكوه، فأمر بحمله إليه فضربه ثلاثين سوطاً خفافاً، وحبسه أياماً، ثم وهب له ثلاث مائة درهم وأطلقه. وقد قيل أنه استعفى من ولاية البصرة فأعفاه، ووردت "؟ " فمات ببغداد وكان خصيب هذا زنديقاً - فما قيل لا يعتقد شياً ويتظاهر بالنصرانية، وحبسه أبو جعفر لحدث أحدثه، فمات في مطبقه، وكان يقول: لو أسامت كنت رافضياً، وكان من العلماء المبرزين، وأخبرت عنه إنه كان يقول: حبس البول أمرن للمثانة. وقيل له: ما يذهب أكل الطين؟ فقال: لب المر، وفي القولين نظر على قانون الطب. وفي خصيب هذا يقول الحكم بن محمد بن قنبر المازني البصري: