للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن أبي طيِّئ [١] : لمّا فرغ السّلطان من أَمْر الخطْبة أَمَر بالقبض عَلَى القصور بما فيها، فلم يوجد فيها من المال كبيرُ أمرٍ، لأنّ شاوَر كَانَ قد ضيَّعه فِي إعطائه الفِرَنْج، بل وجد فيها ذخائر جليلة.

ومن عجيب ما وجد فِيهِ قضيب زُمُرُّدٍ شِبْر وشيء فِي غِلَظ الإبهام، فأخذه السّلطان، وأحضر صائغا ليقطعه، فأبى الصّائغ واستعفى، فرماه السّلطان، فانقطع ثلاثَ قِطَع، وفرَّقه عَلَى نسائه. ووُجِد طبلُ القُولنْج [٢] الَّذِي صُنِع للظّافر، وكان مَن ضَرَبه خرج منه الرّيح واستراح من القُولنْج، فوقع إلى بعض الأكراد، فلم يدرِ ما هُوَ، فكسره، لأنّه ضرب بِهِ فَحَبَق [٣] . ووُجد فِي الذّخائر إبريقٌ عظيم من الحجر المائع، فكان من جملة ما أُرسل من التُّحَف إلى بغداد.

ثمّ وصل موفّق الدّين بْن القَيْسَرانيّ، واجتمع من مصر بصلاح الدّين، وأبلغه رسالة نور الدّين، وطالَبَه بحساب جميع ما حصَّله، فصعُب ذَلِكَ عَلَيْهِ، وهَمّ بشقّ العصا، ثمّ سكن، وأمر النُّوّاب بعمل الحساب، وعرضه عَلَى ابن القَيْسَرانيّ، وأراه جرائد الأجناد بأخبارهم، وقد ذُكِر فِي الحوادث جميع ذَلِكَ [٤] .

وكان عُمارة اليمنيّ الشّاعر من العُبَيْدييّن ممّن يتولّاهم، فرثى العاضد بهذه:

رميتَ يا دهْرُ كفَّ المجد بالشَّلَلِ ... وجِيدَهُ بعد حُسْن الحلي بالعَطَلِ [٥]

سعيتَ فِي منهج الرّأي العثور فإنْ ... قدرت من عثرات الدّهر فاستقلِ

خدعت مازنك الأعلى فأنْفُكَ لا ... يَنْفَكُّ ما بين أمر الشّين والخجل


[١] قوله في الروضتين ج ١ ق ٢/ ٥٠٦.
[٢] القولنج: مرض معوي يعسر معه خروج الثقل والريح. (القاموس المحيط) .
[٣] الحبق والحباق: الضراط، والفعل: حبق يحبق حبقا وحبقا وحباقا. (القاموس المحيط) .
[٤] انظر حوادث سنة ٥٦٧ هـ. من هذا الكتاب.
[٥] البيت في خريدة القصر، والأبيات ليست في كتابه «النكت العصرية» .