للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقام مختلفا كالدّور مطَّلِعًا ... والرَّيمُ ملتفتًا والغُصْنُ مُنعطِفا

رقّت غُلالة خَدَّيْه فلو رميا ... باللّحظ أو بالْمُنَى همّا بأن يَكِفا

كأنّ قافًا أُديرتْ فَوْقَ وجنته ... واختطّ كاتبُها من فوقها ألِفَا

فاستلّ راحًا كبيضٍ واقَعَتْ جحفًا ... حَلا لَنَا أو كنارٍ صادَفَتْ سُعُفا

فلَم أزَل من ثلاثٍ واثنتين ومن ... خمسٍ وستٍّ وما استعلى وما لَطُفا

حتّى توهَّمتُ نَوشروانَ لِي خَوَلا ... وخِلْتُ أنّ نديمي عاشِرُ الْخُلَفا

قَالَ: فلم أزل بِهِ حتّى نوَّمتُه وخرجتُ، فقيل لي: إنّما قُلْنَا تنهاه.

قلتُ: دعه ينام، فإنّي إن نهيته تجرَّمنا عشرة آلاف كبيرة.

وقيل: إنّ ديك الْجِنّ كَانَ لَهُ غُلام وجارية مليحان، وكان يهواهما. فدخلَ يومًا فرآهما فِي لُحافٍ معتنِقَيْن، فشدّ عليهما فقتلهما ثُمَّ سُقِطَ من يده، وجلس عِنْدَ الجارية يبكي ويقول:

يا طلعةً طلع الحِمَامُ عليها [١] ... وجَنَى لَها ثَمَرَ الرَّدَى بيديها

روَّيتُ من دمها الثَّرى ولطالَما [٢] ... روّى الهوى شفتيّ من شفتيها

فو حقّ عينيها ما وطِئَ الثَّرَى [٣] ... شيءٌ أعزُّ عليّ من عينيها [٤]

ما كَانَ قَتْلِيها لأنّي لَم أَكُن ... أبْكِي إذا سفك العيار [٥] عليها

لكن نَحَلت عَلَى سواي بِحُسْنها [٦] ... وأنفت من نظر الغُلام [٧] إليها [٨]

ثم جلس عند الغلام وقال:


[١] في ذم الهوى: «يا مهجة برك الحمام عليها» .
[٢] في ذم الهوى: «الثراء وطالما» .
[٣] في أخبار النساء: «فو حقّ نعليها وما وطئ الحصى» ، وكذا في: وفيات الأعيان.
[٤] في ذم الهوى: «من نعليها» ، وكذا في وفيات الأعيان.
[٥] في أخبار النساء، ووفيات الأعيان: «إذا سقط الغبار» . وفي ذم الهوى: «سقط الذباب» ، وكذا في الأغاني.
[٦] في أخبار النساء: «لكن بخلت على الأنام بحسنها» . وفي الأغاني، وذم الهوى: «لكن ضننت على العيون بحبّها» ، وفي وفيات الأعيان: «لكن بخلت على سواي بحبّها» . وفي رواية: «لكن نفست عن العيون بنظرة» .
[٧] في الأغاني، وذم الهوى: «نظر الحسود» . وفي وفيات الأعيان: «نظر العيون» .
[٨] الأبيات في: ديوان ديك الجنّ ٩٠، والأغاني ١٤/ ٥٧، وذم الهوى ٣٥٦، ووفيات الأعيان ٣/ ١٨٦، ١٨٧، وأخبار النساء لابن قيّم الجوزية ١/ ٩، ٩٩.