للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحبّ إليك؟ قال: أحسنهم خلقا وأرضاهم لخالقه، وأشدّهم فرقا [١] قال: فما تقول في عليّ وعثمان، أفي الجنة هما أو في النار؟ قال: لو دخلتهما فرأيت أهلهما إذا لأخبرتك، فما سؤالك عن أمر غيّب عنك؟ قال: فما تقول في عبد الملك بن مروان؟ قال: مالك تسألني عن امرئ أنت واحدة من ذنوبه؟ قال:

فمالك لم تضحك قطّ؟ قال: لم أر ما يضحكني [٢] ، كيف يضحك من خلق من تراب وإلى التراب يعود؟ قال: فإني أضحك من اللهو [٣] قال ليست القلوب سواء، قال: فهل رأيت من اللهو [٤] شيئا، ودعا بالنّاي والعود، فلما نفخ بالنّاي بكى، قال: ما يبكيك؟ قال: ذكّرني يوم ينفخ في الصّور، فأمّا هذا العود فمن نبات الأرض، وعسى أن يكون قد قطع من غير حقّه، وأمّا هذه المغاش والأوتار [٥] فإنها سيبعثها الله معك يوم القيامة، قال: إني قاتلك، قال: إن الله عزّ وجلّ قد وقّت لي وقتا أنا بالغه، فإن يكن أجلي قد حضر فهو أمر قد فرغ منه، ولا محيص ساعة، وإن تكن العافية، فالله تعالى أولى بها، قال: اذهبوا به فاقتلوه، قال: أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له [وأن محمدا عبده ورسوله] [٦] استحفظكها يا حجّاج حتى ألقاك يوم القيامة، فلما تولّوا به ليقتلوه ضحك، قال له الحجّاج: ما أضحكك؟ قال: عجبت من جرأتك على الله، وحلم الله جلّ وعلا عليك [٧] ثم استقبل القبلة فقال:


[١] قال ابن منظور: الفرق بالتحريك: الخوف، وفرق منه بالكسر فرقا جزع. «لسان العرب» «فرق» (٥/ ٣٤٠٠) .
[٢] في المطبوع: «لم أر ما يضحك» .
[٣] في الأصل: «الهوا» وأثبتنا ما في المطبوع لأنه يتفق مع ما جاء في سياق النص.
[٤] في الأصل: «الهوا» وما أثبتناه من المطبوع لأنه يتفق مع ما جاء في سياق النص.
[٥] في «سير أعلام النبلاء» (٤/ ٣٣١) : «وأما الأوتار فأمعاء شاة يبعث بها معك يوم القيامة» ، وفي حاشية «وفيات الأعيان» لابن خلكان (٢/ ٣٧٣) : «وأما الأوتار فمن الشاء تبعث معك يوم القيامة» . وأما العبارة التي في كتابنا فلا أرى لها وجها، ولعلها محرفة فيه، والله أعلم.
[٦] ما بين حاصرتين زيادة من «سير أعلام النبلاء» للذهبي، وحاشية «وفيات الأعيان» .
[٧] في الأصل، والمطبوع: «وحلم الله جل وعلا عنك» ، وما أثبته من حاشية «وفيات الأعيان» ،

<<  <  ج: ص:  >  >>