للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهدم الوليد بن عبد الملك بيعة النصارى، فكتب إليه الأخرم ملك الرّوم: إن من قبلك أقرّها، فإن أصابوا فقد أخطأت، وإن أصبت فقد أخطئوا، فقال له الفرزدق: اكتب إليه وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ في الْحَرْثِ ٢١: ٧٨ إلى قوله تعالى: فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً ٢١: ٧٩ [الأنبياء: ٧٩- ٧٨] .

واجتمع الحسن البصريّ والفرزدق في جنازة نوّار [١] امرأة الفرزدق، فقال له الفرزدق: أتدري ما يقول الناس يا أبا سعيد، يقولون: اجتمع خير النّاس وشر الناس، فقال الحسن: لست بخيرهم، ولست بشرهم، ولكن ما أعددت لهذا اليوم؟ قال: شهادة أن لا إله إلّا الله منذ ستين سنة، فقال الحسن: نعم والله العدّة.

وعن أبي عمرو بن العلاء قال: شهدت الفرزدق وهو يجود بنفسه، فما رأيت أحسن ثقة بالله منه، وترجى له الزلفى والفائدة وعظيم العائدة بحميته في أهل بيت رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- ومدحه لزين العابدين علي بن الحسين، وإعرابه عن الرّغبة والرّهبة، وذلك أن زين العابدين لما أراد استلام الحجر في زحمة النّاس انفرجوا عنه هيبة ومحبة، ولم تنفرج لهشام بن عبد الملك، فقال شاميّ: من هذا؟ فقال هشام: لا أعرفه، خاف أن ترغب عنه أهل الشّام، فقال الفرزدق: أنا أعرفه، فقال الشّاميّ: من هو يا أبا فراس؟ فقال:

هذا سليل حسين وابن فاطمة ... بنت الرّسول [من] انجابت به الظلم [٢]

هذا الّذي تعرف البطحاء وطأته ... والبيت يعرفه والحلّ والحرم


[١] هي النّوار بنت أعين، وقيل: بنت عبد الله المجاشعيّة. انظر «أعلام النساء» لكحالة (٥/ ١٩٣- ١٩٥) طبع مؤسسة الرسالة.
[٢] لم يرد لهذا البيت ذكر في «مرآة الجنان» لليافعي (١/ ٢٦٦) مصدر المؤلف، ولا في «ديوان الفرزدق» المطبوع بعناية الصّاوي.

<<  <  ج: ص:  >  >>