للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مكان، لا يختص به مكان دون آخر، حتى أجواف الحيوانات والناس والأمكنة الخبيثة، وهذا مذهب الحلولية الذين هم من أضل خلق الله، وأبعدهم عن معرفة الله، والتمييز بينه وبين خلقه، وهذا غاية الكفر ومنتهاه.

الثاني: أنه لا مكان لله أصلًا، ومن ليس له مكان -بمعنى: أنه ليس في جهة- فهو عدم لا وجود له، والعدم هو إله المعطلة والملاحدة" (١).

الحادي عشر: قوله: (فوضع عنه عشر صلوات، ثم رجع إلى موسى فاحتبسه، فلم يزل يردده موسى إلى ربه حتى صارت إلى خمس صلوات)، ففي هذه الرواية أن التخفيف للصلوات أثناء المراجعة كان عشرًا عشرًا، وقد عدَّ الحافظ ابن حجر هذا من مخالفات شريك، لأن مقتضى رواية ثابت عن أنس أن التخفيف كان خمسًا خمسًا (٢).

والحق أن شريكًا لم يتفرد بهذا، فقد تابعه عليه قتادة عن أنس عن مالك بن صعصعة، كما تقدم.

وقد رجح ابن الجوزي هذه الرواية، أي: كون التخفيف عشرًا عشرًا لاتفاق البخاري ومسلم عليها من حديث أنس عن مالك بن صعصعة، ومن حديث أنس نفسه، بخلاف رواية التخفيف خمسًا خمسًا فإنها من أفراد مسلم، وقال عنها: إنها غلط من الراوي، وتابعه على هذا السفاريني (٣).

أما ابن حجر فقد رجح رواية ثابت البناني في كون التخفيف كان


(١) شرح كتاب التوحيد (٢/ ٤٨٥)، وانظر: (١/ ٣٦٤ - ٣٦٦).
(٢) انظر: الفتح (١٣/ ٤٨٥).
(٣) انظر: لوامع الأنوار (٢/ ٢٨٤)، والسفاريني هو: محمد بن أحمد بن سالم السفاريني الحنبلي عالم بالحديث والأصول والأدب ولد ونشأ في سفارين من قرى نابلس، ثم رحل إلى دمشق لطلب العلم فأخذ عن علمائها ثم رجع إلى بلده نابلس فدرس وأفتى وأفاد حتى توفي رحمه الله سنة (١١٨٨ هـ)، وله مؤلفات عدة أشهرها: لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية. [انظر: الأعلام (٦/ ١٤)، ومعجم المؤلفين (٣٦٥)، وآخر الجزء الأول من لوامع الأنوار فيه ترجمة مطولة له].

<<  <   >  >>