للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٣٨ - قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ أَبِي حَبِيبَةَ، مَوْلَى الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: لَمَّا ⦗٣٢٤⦘ كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ هَرَبَ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ إِلَى الْيَمَنِ، وَخَافَ أَنْ يَقْتُلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَتِ امْرَأَتُهُ أُمُّ حَكِيمٍ بِنْتِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ امْرَأَةً لَهَا عَقْلٌ، وَكَانَتْ قَدِ اتَّبَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: إِنَّ ابْنَ عَمِّي عِكْرِمَةَ قَدْ هَرَبَ مِنْكَ إِلَى الْيَمَنِ وَخَافَ أَنْ تَقْتُلَهُ فَأَمِّنْهُ قَالَ: «قَدْ أَمَّنْتُهُ بِأَمَانِ اللَّهِ، فَمَنْ لَقِيَهُ فَلَا يَعْرِضْ لَهُ» . فَخَرَجَتْ فِي طَلَبِهِ فَأَدْرَكَتْهُ فِي سَاحِلٍ مِنْ سَوَاحِلِ تِهَامَةَ، وَقَدْ رَكِبَ الْبَحْرَ، فَجَعَلَتْ تَلُوحُ إِلَيْهِ وَتَقُولُ: يَا ابْنَ عَمِّي، جِئْتُكَ مِنْ عِنْدِ أَوْصَلِ النَّاسِ وَأَبَرِّ النَّاسِ وَأَخْيَرِ النَّاسِ، فَلَا تُهْلِكْ نَفْسَكَ، وَقَدِ اسْتَأْمَنْتُ لَكَ مِنْهُ فَأَمَّنَكَ، فَقَالَ: أَنْتِ فَعَلْتِ ذَلِكَ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، أَنَا كَلَّمْتُهُ فَأَمَّنَكَ. فَرَجَعَ مَعَهَا. فَلَمَّا دَنَا مِنْ مَكَّةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: «يَأْتِيَكُمْ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ مُؤْمِنًا مُهَاجِرًا، فَلَا تَسُبُّوا أَبَاهُ فَإِنَّ سَبَّ الْمَيِّتِ يُؤْذِي الْحَيَّ وَلَا يَبْلُغُ الْمَيِّتَ» . قَالَ: فَقَدِمَ عِكْرِمَةُ فَانْتَهَى إِلَى بَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَزَوْجَتُهُ مَعَهُ مُنْتَقِبَةٌ. قَالَ: ⦗٣٢٥⦘ فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَتْ فَأَخْبَرَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقُدُومِ عِكْرِمَةَ فَاسْتَبْشَرَ وَوَثَبَ قَائِمًا عَلَى رِجْلَيْهِ، وَمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رِدَاءٌ فَرَحًا بِعِكْرِمَةَ، وَقَالَ: «أَدْخِلِيهِ» ، فَدَخَلَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ هَذِهِ أَخْبَرَتْنِي أَنَّكَ أَمَّنْتَنِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَدَقَتْ فَأَنْتَ آمِنٌ» . قَالَ عِكْرِمَةُ: فَقُلْتُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّكَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، وَقُلْتُ: أَنْتَ أَبَرُّ النَّاسِ، وَأَصْدَقُ النَّاسِ، وَأَوْفَى النَّاسِ، أَقُولُ ذَلِكَ وَإِنِّي لَمُطَأْطِئُ الرَّأْسِ اسْتِحْيَاءً مِنْهُ، ثُمَّ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اسْتَغْفِرْ لِي كُلَّ عَدَاوَةٍ عَادَيْتُكَهَا أَوْ مَرْكَبٍ أَوْضَعْتُ فِيهِ أُرِيدُ بِهِ إِظْهَارَ الشِّرْكِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعِكْرِمَةَ كُلَّ عَدَاوَةٍ عَادَانِيهَا، أَوْ مَنْطِقٍ تَكَلَّمَ بِهِ، أَوْ مَرْكَبٍ أَوْضَعَ فِيهِ يُرِيدُ أَنْ يُصَدَّ عَنْ سَبِيلِكِ» . فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مُرْنِي بِخَيْرِ مَا تَعْلَمُ فَأَعْلَمَهُ قَالَ: " قُلْ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَجَاهِدْ فِي سَبِيلِهِ "، ثُمَّ قَالَ عِكْرِمَةُ: أَمَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا أَدَعُ نَفَقَةً كُنْتُ أُنْفِقُهَا فِي صَدٍّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا أَنْفَقْتُ ضِعْفَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَلَا قِتَالًا كُنْتُ أُقَاتِلُ فِي صَدٍّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا أَبْلَيْتُ ضِعْفَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. ثُمَّ اجْتَهَدَ فِي الْقِتَالِ حَتَّى قُتِلَ شَهِيدًا يَوْمَ أَجْنَادَيْنِ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَقَدْ كَانَ ⦗٣٢٦⦘ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَهُ عَامَ الْحَجِّ عَلَى هَوَازِنَ يُصَدِّقُهَا، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِكْرِمَةُ يَوْمَئِذٍ بِتَبَالَةَ "

<<  <  ج: ص:  >  >>