٣٠٤ - أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ , وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ , عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ قَالَ: " لَمَّا كَانَ زَمَنُ عُمَرَ، قَدِمَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ عَلَى عُمَرَ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ كَأَنَّهُ رَأَى مِنْهُ شَيْئًا، يَعْنِي جَفَاءً , فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَمَا تَعْرِفُنِي؟ , فَقَالَ: بَلَى وَاللَّهِ أَعْرِفُكَ، أَكْرَمَكَ اللَّهُ بِأَحْسَنِ الْمَعْرِفَةِ، أَعْرِفُكَ وَاللَّهِ؛ أَسْلَمْتَ إِذْ كَفَرُوا، وَعَرَفْتَ إِذْ أَنْكَرُوا، وَوَفَّيْتَ إِذْ غَدَرُوا، وَأَقْبَلْتَ إِذْ أَدْبَرُوا. فَقَالَ: حَسْبِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، حَسْبِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، حَسْبِي ". رَجَعَ الْحَدِيثُ إِلَى حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: " وَلَمَّا أَسْلَمَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ أَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى بِلَادِهِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَعَذَّرُ مِنَ الزَّادِ، وَيَقُولُ: «مَا أَصْبَحَ عِنْدَ آلِ مُحَمَّدٍ شَفَةٌ مِنْ طَعَامٍ، وَلَكِنَّكَ تَرْجِعُ وَيَكُونُ خَيْرًا» ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ أَعْطَاهُ ثَلَاثِينَ فَرِيضَةً. فَقَالَ عَدِيٌّ: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ , صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْتَ إِلَيْهَا الْيَوْمَ أَحْوَجُ، وَأَنَا عَنْهَا غَنِيُّ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: خُذْهَا أَيُّهَا الرَّجُلُ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَعَذَّرُ إِلَيْكَ وَيَقُولُ: «وَلَكِنْ تَرْجِعُ وَيَكُونُ خَيْرًا» ، فَقَدْ رَجَعْتَ وَجَاءَ اللَّهُ بِالْخَيْرِ، فَأَنَا مُنْفِذٌ مَا وَعَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَيَاتِهِ، فَأَنْفَذَهَا، فَقَالَ عَدِيٌّ: آخُذُهُ الْآنَ، فَهِيَ عَطِيَّةٌ مِنْ ⦗٦٥٦⦘ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ، فَذَاكَ. قَالَ: وَسَارَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ إِلَى أَهْلِ الرِّدَّةِ، وَقَدِ انْضَمَّ إِلَى عَدِيٍّ مِنْ طَيِّئٍ أَلْفُ رَجُلٍ، وَكَانَتْ جَدِيلَةُ مُعْتَرِضَةً عَنِ الْإِسْلَامِ، وَهُمْ بَطْنٌ مِنْ طَيِّئٍ، وَكَانَ عَدِيٌّ مِنَ الْغَوْثِ، فَلَمَّا هَمَّتْ جَدِيلَةُ أَنْ تَرْتَدَّ وَنَزَلَتْ نَاحِيَةً، جَاءَهُمْ مِكْنَفُ بْنُ زَيْدِ الْخَيْلِ الطَّائِيُّ، فَقَالَ: أَتُرِيدُونَ أَنْ تَكُونُوا سِيَةً عَلَى قَوْمِكُمْ، لَمْ يَرْجِعْ رَجُلٌ وَاحِدٌ مِنْ طَيِّئٍ , وَهَذَا أَبُو طَرِيفٍ مَعَهُ أَلْفٌ مِنْ طَيِّئٍ؟ فَكَسَرَهُمْ. فَلَمَّا نَزَلَ بُزَاخَةَ قَالَ لِعَدِيٍّ: يَا أَبَا طَرِيفٍ، أَلَا نَسِيرُ إِلَى جَدِيلَةَ؟ فَقَالَ: يَا أَبَا سُلَيْمَانَ، لَا تَفْعَلْ، أُقَاتِلُ مَعَكَ بِيَدَيْنِ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَمْ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ؟ فَقَالَ خَالِدٌ: بَلْ بِيَدَيْنِ. فَقَالَ عَدِيٌّ: فَإِنَّ جَدِيلَةَ إِحْدَى يَدَيَّ. فَكَفَّ خَالِدٌ عَنْهُمْ، فَجَاءَهُمْ عَدِيٌّ , فَدَعَاهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمُوا، فَسَارَ بِهِمْ إِلَى خَالِدٍ، فَلَمَّا رَآهُمْ خَالِدٌ فَزِعَ، وَظَنَّ أَنَّهُمْ أَتَوُا الْقِتَالَ، فَصَاحَ فِي أَصْحَابِهِ بِالسِّلَاحِ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّمَا هِيَ جَدِيلَةٌ أَتَتْ تُقَاتِلُ مَعَكَ , فَلَمَّا جَاءُوا حَلُّوا نَاحِيَةً، وَجَاءَهُمْ خَالِدٌ فَرَحَّبَ بِهِمْ، وَاعْتَذَرُوا إِلَيْهِ مِنَ اعْتِزَالِهِمْ، وَقَالُوا: نَحْنُ لَكَ بِحَيْثُ أَحْبَبْتَ. فَجَزَاهُمْ خَيْرًا، فَلَمْ يَرْتَدَّ مِنْ طَيِّئٍ رَجُلٌ وَاحِدٌ. فَسَارَ خَالِدٌ عَلَى تَعْبِئَتِهِ. فَقَالَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ: اجْعَلْ قَوْمِي مُقَدِّمَةَ أَصْحَابِكَ , فَقَالَ: " أَبَا طَرِيفٍ، الْأَمْرُ قَدِ اقْتَرَبَ وَلَحُمَ، وَأَنَا أَخَافُ إِنْ تَقَدَّمَ قَوْمُكَ وَلَحَمَهُمُ الْقِتَالُ انْكَشَفُوا فَانْكَشَفَ مَنْ مَعَنَا، وَلَكِنْ دَعْنِي أُقَدِّمُ قَوْمًا صُبُرًا لَهُمْ سَوَابِقُ وَثَبَاتٌ , فَقَالَ عَدِيٌّ: فَالرَّأْيَ رَأَيْتَ. فَقَدَّمَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ، قَالَ: فَلَمَّا أَبَى طُلَيْحَةُ أَنْ يُقِرَّ بِمَا دَعَا إِلَيْهِ , انْصَرَفَ خَالِدٌ إِلَى مُعَسْكَرِهِ وَاسْتَعْمَلَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ عَلَى حَرَسِهِ عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ، وَمِكْنَفَ بْنَ زَيْدِ الْخَيْلِ، وَكَانَ لَهُمَا صِدْقُ نِيَّةٍ وَدِينٌ، فَبَاتَا يَحْرُسَانِ فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَلَمَّا كَانَ فِي السَّحَرِ نَهَضَ خَالِدٌ فَعَبَى أَصْحَابَهُ، وَوَضَعَ أَلْوِيَتَهُ مَوَاضِعَهَا، فَدَفَعَ لِوَاءَهُ الْأَعْظَمَ إِلَى زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ، فَتَقَدَّمَ بِهِ، وَتَقَدَّمَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ بِلِوَاءِ الْأَنْصَارِ، وَطَلَبَتْ طَيِّئٌ لِوَاءً يُعْقَدُ لَهَا، فَعَقَدْ خَالِدٌ لِوَاءً وَدَفَعَهُ إِلَى عَدِيِّ بْنِ ⦗٦٥٧⦘ حَاتِمٍ , وَجَعَلَ مَيْمَنَةً وَمَيْسَرَةً "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute