٤٠٢ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ عُثْمَانَ , وَمَعْمَرٌ مَوْلَى ابْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ قَالَ: لَمَّا انْتَهَى إِلَى عُمَرَ مُصَابُ أَهْلِ الْجِسْرِ , وَقَدِمَ عَلَيْهِ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مِنَ اَللَّيْسِ فِي رَكْبٍ مِنْ بَجِيلَةَ، فَكَلَّمَهُمْ عُمَرُ، فَقَالَ: «إِنَّكُمْ قَدْ عَلِمْتُمْ مَا كَانَ مِنَ الْمُصِيبَةِ فَاخْرُجُوا إِلَيْهِمْ» . فَقَالَ جَرِيرٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَوْمِي لَهُمْ عَدَدٌ كَثِيرٌ، وَهُمْ مُتَفَرِّقُونَ فِي الْعَرَبِ. فَقَالَ: «فَاخْرُجُوا وَأَنَا أَخْرُجُ مَعَكُمْ، مَنْ كَانَ مِنْكُمْ فِي قَبَائِلِ الْعَرَبِ فَأَخْرِجُوا مِنَ الْقَبَائِلِ» . وَقَالَ لَهُ جَرِيرٌ: اجْعَلْ لِي مِنَ السَّوَادِ جُعْلًا إِنْ ظَفِرْتُ بِهِ. فَجَعَلَ لَهُ رُبُعَ السَّوَادِ بَعْدَ الْخُمُسِ، فَانْتَدَبَ مَعَهُ أَرْبَعَةَ آلَافٍ مِنْ بَجِيلَةَ وَالنَّخَعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَفْنَاءِ الْعَرَبِ وَذَلِكَ فِي سَنَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ. وَأَقْبَلَ جَرِيرٌ حَتَّى بَلَغَ الْكُوفَةَ، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الْمُثَنَّى بْنِ حَارِثَةَ الشَّيْبَانِيَّ كَتَبَ إِلَيْهِ: أَنْ أَقْبِلْ إِلَيَّ، فَإِنَّمَا أَنْتَ مَدَدٌ لِي. فَكَتَبَ إِلَيْهِ جَرِيرٌ: إِنِّي لَسْتُ بِفَاعِلٍ، إِلَّا أَنْ ⦗٨٢٢⦘ يَأْمُرَنِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَنْتَ أَمِيرٌ وَأَنَا أَمِيرٌ. فَسَارَ جَرِيرٌ، وَقَدْ بَعَثَ مَلِكُ الْفُرْسِ قَائِدَهُ مِهْرَانَ فِي جَمْعٍ مِنْ فَارِسَ لِقِتَالِ الْمُسْلِمِينَ، فَأَقْبَلَ حَتَّى قَطَعَ الْفُرَاتَ إِلَى جَرِيرٍ، فَالْتَقَوْا بِالنُّخَيْلَةِ , فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، فَبَارَزَ مِهْرَانُ جَرِيرًا، فَقَتَلَهُ جَرِيرٌ، وَأَخَذَ سَلَبَهُ وَقُلُنْسُوَةً كَانَتْ عَلَيْهِ. وَانْهَزَمَتِ الْفُرْسُ حَتَّى جَاءُوا الْمَدَائِنَ، وَفَتَحَ جَرِيرٌ بَعْضَ السَّوَادِ، وَسَارَ جَرِيرٌ حَتَّى لَقِيَ الْحَاجِبَ بِقُسِّ النَّاطِفِ فَقَاتَلَهُ فَهَزَمَهُ، وَاجْتَمَعَتِ الْأَعَاجِمُ، وَبَعَثُوا إِلَى الْكُورِ فَاجْتَمَعُوا إِلَى الْمَدَائِنِ فَاسْتُعْمِلَ عَلَيْهِمْ رُسْتُمُ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ جَرِيرًا وَأَنَّهُ لَا يَدَانِ لَهُ بِهِمْ، كَتَبَ إِلَى عُمَرَ يُخْبِرُهُ بِجَمْعِهِمْ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: جَاءَكَ مَا لَا يَدَانِ لَكَ بِهِ، فَالْحَقْ بِالْمُثَنَّى بْنِ حَارِثَةَ، وَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى الْمُثَنَّى بْنِ حَارِثَةَ: أَنِ انْضَمَّ إِلَى جَرِيرٍ، وَأَقْبَلَ أَنَسُ بْنُ مُدْرِكٍ الْخَثْعَمِيُّ فِي خَمْسِمِائَةٍ مِنْ حَيِّهِ فَنَزَلُوا مَعَ جَرِيرٍ النُّخَيْلَةَ. وَأَقْبَلَ رُسْتُمُ وَكَانَ مُنَجِّمًا، وَكَانَ يَرَى أَنَّ الْعَرَبَ قَاتِلُوهُ وَمَنْ مَعَهُ إِنْ قَاتَلَهُمْ، وَكَانَ يُرِيدُ أَنْ يَنْفِيَهُمْ وَلَا يُقَاتِلَهُمْ، فَلَمَّا دَنَا مِنْ جَرِيرٍ شَخَصَ إِلَى الْقَادِسِيَّةِ، وَخَنْدَقَ جَرِيرٌ عَلَيْهِ وَجَعَلَ يُطَاوِلُهُ، حَتَّى بَعَثَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، فَقَدِمَ فِيمَنْ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالشَّامِ، فَشَخَصَ إِلَيْهِ جَرِيرٌ فَلَقِيَهُ "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute