كأنه قال: تبكى عليك أبدا. ورواه البصريون:
والشمس طالعةٌ ليست بكاسفةٍ
كأنه قال: طلعت الشمس ولم يكسف ضوءها نجوم الليل والقمر، لحزنها وبكائها عليك. وقال محمد
بن يزيد:
تبكي عليك نجومُ الليل والقمرا
فرفع النجوم ونصب القمر على معنى مع القمر؛ فلما حلت الواو محل مع نصب ما بعدها، كما
تقول: لو تُرك عبد الله والأسد لأكله. والذي أذهب إليه أن يكون نصب النجوم والقمر بتبكى، كانه
قال: بكت الشمس ونجوم الليل والقمر فبكتهما الشمس تبكيهما، أي غلبتهما بالبكاء، كما تقول: كارمني
عبد الله وكرمته وأنا أكرمه: غلبته.
ومعنى قوله: (بيضت بعيون الناس): بيضت عيون الناس، والباء زائدة، كما قال الله تبارك وتعالى:
(ومَن يُردْ فيه بإلحادٍ بظُلْم)، أراد: ومن يرد فيه إلحادا. وقال الفراء: سمعت أعرابيا من ربيعة وسألته
عن شيء فقال: أرجو بذاك، يريد: ذاك. وأنشدني أبو الجراح:
فلما رجَتْ بالشرب هَزَّ لها العصا ... شحيحٌ له عند الإزاء نَهيمُ
أراد: رجت الشرب. وقال امرؤ القيس:
ألاَ هل أتاها والحوادثُ جَمَّةٌ ... بأنّ امرأ القيس بن تَمِلكَ بَيْقَرا
أراد: هل أتاها أن امرأ القيس. وقال قيس بن زهير:
ألم يأتيك والأنْباء تَنمى ... بما لاقتْ لبَونُ بني زيادِ