ويروى: (فجبهناهم)، أي طعنا جباههم. قوله (كما تنهز) أي تحرك الدلاء لتمتلئ. ومعنى (عن
جمة): كثرة الماء فيه، ويروى: (في جمة الطوى). وقال الأصمعي: جمة البئر: الذي قد جم فليس
يستقى منه. وقال أبو مالك: جمة البئر: الموضع الذي يبلغه الماء من البئر لا يبلغ أكثر منه، فيرى
ذلك الموضع مستديرا كأنه إكليل.
والدلاء اسم ما لم يسم فاعله، والكاف نصب بالفعل.
(وفَكَكنا غُلَّ امرئ القَيسِ عَنهُ ... بَعْدَ ما طالَ حبسُهُ والعَناءُ)
يعنى بامرئ القيس ابن المنذر بن ماء السماء، وهو أخو عمرو بن هند من أبيه، وكانت غسان
أسرته يوم قُتل المنذر أبوه، فأغارت بكر بن وائل مع عمرو بن هند على بعض الشام فقتلوا ملكا
لغسان، واستنقذوا امرأ القيس، وأخذ عمرو ميسون بنت ذلك الملك التي ذكرها الحارث.
وبعد صلة فككنا، وما معناه المصدر، كأنه قال: بعد طول حبسه.
(وإَقَدْناهُ ربَّ غسَّانَ بالمنْ ... ذِرِ كَرهاً إِذْ لا تُكَالُ الدِّماءُ)
يقول: قتلنا ملك غسان هذا، وإنما قتلناه بالمنذر كرها لأن لا تكال الدماء. ويروى: (وما تكال
الدماء)، يقول: كانت القتلى منهم أكثر من أن تحصى، فليست تحسب الدماء ولا تكال من كثرتها.
وقال بعض اهل اللغة: معنى قوله: (وما تكال الدماء): ذهبت هدرا ليس فيها قود. يقال: كيل فلان
بفلان، إذا قُتل به.
والهاء نصب بالفعل، والرب مفعول ثان، وكرها نصب على المصدر.