للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما صرخت علىّ صارخة، ولا بكت علىّ باكية. وانظر جفنتي التي كنت أصنعها فاصنعها وأجد صنعتها،

ثم أحملها إلى مسجدك، ومن كان

يغشاني عليها، فإذا قال الإمام سلام عليكم فقدمها إليهم يأكلوها، فإذا فرغوا فقل: احضروا جنازة أخيكم

لبيد، فقد قبضه الله تبارك وتعالى!

وقال جعفر بن كلاب: لما حضر لبيد الموت دخل عليه بنو جعفر فقال: ابكوا حتى أسمع. فأرموا

ساعة فقال شاب منهم: قد قلت. قال: فأنشدني - قال: وكان لبيد حلف ليطعمن كلما هبَّت الصَّبا! -

فقال:

لتبكِ لبيداً كلُّ قدرٍ وجَفنةٍ ... وتبكي الصَّبا مَن فاد وهو حميدُ

فقال: يا ابن أخي، أحسنت فزدني! فقال: ما عندي مزيد. فقال: ما أسرع ما أكديت

وقال لبيد في الليلة التي تُوفي فيها:

أبُنَيّ هل أحْسَسْت أع ... مامي بني أمّ البنينا

وأبي الذي كان الأرا ... ملُ في الشِّتاء له قطينا

الفتْيةَ البيضَ المَصَا ... بحَ أكمِلوا كرماً ولِينا

لم تَبْقَ أنفسُهمْ وكا (نوا زينةً للناظرينا

وإذا دفنتَ أباك فاج ... علْ فوقه خشباً وطيناً

وضَفائحاً صُماًّ روَا ... سيها يشدِّدن الغصُونا

ليقينَ وجه أبيكَ سف ... سافَ التراب ولن يقينا

وقال أيضا:

تخافَ ابنتايَ أن يموت أبوهما ... وهل أنا إلاّ من ربيعة أو مضَرْ

وفي ابنَيْ نزارٍ أسوةٌ أن نظرتما ... وإنْ تسألاهم تُلفيا عندهمْ خبرْ

<<  <   >  >>