للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاجتماعية على الإِسلام تحت مسمى "الإنتروبولوجيا الدينية -نحو إسلاميات تطبيقية" (١)، أو "نقد العقل الإِسلامي" (٢)، وأن روح هذه المنهجية "مقتبسة من كتاب عالم الإناسة الفرنسي روجيه باستيد: الإناسة التطبيقية" (٣)، وفي ذلك يقول أركون: "وبحوثنا تسير في الخط نفسه" (٤).

تصبح العلمانية بحسب الفهم الأركوني مفهومًا يراد منه إفساح المجال للمناهج السابقة حتى تدرس الدين، فالدين يدرسه أهله بطرقهم الخاصة أو يدرس بمناهج استشراقية وصفية باردة، ولكنه بقي بعيدًا عن المنهج اللغوي والتاريخي المعاصر، وأبعد عن العلوم الاجتماعية، فأهل الدين يرون خطورة على دينهم من تطبيق هذه المنهجيات والاستشراق عاجز أو كسول، وهنا يأتي مشروع أركون، ولكنه كمهتم بالدين ودراسته يجد الإطار المناسب هو العلمانية، فالعلمانية تحرر صاحبها من أي احتراز عند دراسة الدين وتعطيه الحق في تطبيق ما يشاء من منهجيات، ونجد مثاله في مبحث "الإِسلام والعلمنة" وفي فقرة "نحو ممارسة علمانية للإسلام" بأن هذه الممارسة تعني وضع الإِسلام ضمن "اتجاه الشك المستمر" الذي عرف بقوة في أوروبا القرن الثالث عشر/ التاسع عشر مع ماركس ونيتشه كنقد طال الدين والقيم، ولكن لم يظهر نقد للإسلام مع أن الإِسلام عند أركون مثل المسيحية، "كلاهما يشتغل بالطريقة نفسها. وإنما هو عائد إلى أن المجتمعات "الإِسلامية" لم تعرف أن تولّد حتى الآن فكرًا نقديًا كبيرًا تجاه تراثها الخاص كما فعل الغرب. إن عملًا كهذا لا يوجد في الإِسلام، أو بالأحرى أنه يكاد يشرع في الوجود" (٥).

وحتى تبرز العلمنة بهذا المفهوم الأركوني فهي في حاجة إلى "حداثة فكرية وعقلية" تعضد التغيير السياسي والاقتصادي، وإلا فلن تنتشر ولن تعرف إيجابياتها ولن تظهر "مجابهة خصبة بين الرؤيا العلمانية للعالم والرؤيا الدينية للعالم: أي


(١) انظر: تاريخية الفكر العربي الإِسلامي، محمَّد أركون ص ٥١، ترجمة هاشم صالح.
(٢) انظر: نقد العقل الإِسلامي عند محمَّد أركون، د. مختار الفجاري ص ١٩ وما بعدها.
(٣) المرجع السابق ص ٢١.
(٤) انظر: تاريخية الفكر العربي الإِسلامي ص ٢٧٥.
(٥) المرجع السابق ص ٢٩٥، وانظر له: معارك من أجل الأنسنة. . . . ص ٢٦٧ وما بعدها، ترجمة هاشم صالح.

<<  <  ج: ص:  >  >>