بعض صفحات كتاب العظم، التي هي في النهاية مقولات ماركسية لا علاقة لها بميدان العلم. ومع ما تلقاه الماركسية من نقدٍ حتى من قبل الماركسيين المتحولين، وعدم القبول للتيار الماركسي في تيارات التغريب الغربي، إلا أن مسألة الطعن في الدين التي قام بها الماركسيون تلقى رواجًا عند المتغربين المعاصرين، وهذا النموذج يتكرر بكثرة، أي النموذج الشتائمي الذي يُكثر من ادعاءات التعارض بين الدين والعلم ثم يُحيلك في النهاية إلى مقولات ماركسية على أنها هي العلم.
المثال الرابع: المثال الليبرالي:
كان المصطلح الغالب في وصف المتغربين في النصف الثاني من الرابع عشر/ العشرين: اليسار والحداثة والقومية، ولكن مع انحسار اليسار في العالم، ولاسيّما بعد سقوط الاتحاد السوفيتي طفح على السطح مصطلح الليبرالية ليأخذ بمجموعة من المفكرين القدامى فضلًا من استئثاره بالشباب الجدد. ويبرز الدكتور "شاكر النابلسي"، كأحد المنافحين عن الليبرالية والمهتمين بعلمنة المجتمع، أكتفي من هذا المفكر بما أثاره في موضوع دعوى التعارض.
ففي أثناء حديثه عن رؤية ما يسميه باليمين العربي عن العلمانية، وسبب رفضهم لها بأنها نُقلت إلينا ملتبسة بمشاكل غربية لا علاقة لنا بها، والمشكلة هنا بأن الغربي يرى الدين والعلم متضادين متعارضين، بينما وبحسب رأي أهل اليمين فإنهم لا يرون تضادهما ولا اختلافهما، فلماذا تُنقل إلينا بهذه الإشكالية؟.
فجاء "النابلسي" مدافعًا عن صحة رؤية الغربي في دعوى التعارض قائلًا: "ولكن ما تفسير الشواهد الآتية في العالم الغربي المسيحي وفي العالم الإِسلامي، التي تشير كلها إلى تعارض الدين مع العلم وتضاد الدين للعلم. وأن كل واحد منهما يسعى لإلغاء الآخر. . . ."(١)، وعندما نبحث عن الشواهد إذا بها الشواهد نفسها التي يكررها أغلبهم، لا جديد فيها، ولا علاقة لها بالعلم، ولا صحة لكونها شواهد على دعوى التعارض، يقذف أحدهم بالدعوى ثم يعيد تكرير الشواهد التي يذكرونها في العادة، وسأذكر بعض ما قاله:
(١) الفكر العربي في القرن العشرين، شاكر النابلسي ٢/ ٢١٠.