للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - لماذا تمنع المرأة من تخصصها في الأمراض التناسلية للرجال ما دامت هذه رغبتها لولا التعارض (١).

هذه أهم الشواهد التي قدمها الكاتب دليلًا على تعارض الدين والعلم، ومن ثم خطأ من قال بعدم وجود التعارض، ويتضح أن متقدمهم ومتأخرهم يكرر الشواهد نفسها بنصّها أو بمعناها أو بنوعها، وأن المقصود الدفاع عن العلمانية وليس البحث عن الحقيقة، ولا يفرقون بين التعارض المعتبر والتعارض الأيدلوجي، والثاني غالب على شواهدهم، وهو تعارض غير معتبر؛ لأنه تعارض غير صحيح، ونحن إنما نتكلم على وجود تعارض حقيقي بين الدين والعلم بالشروط المعتبرة عند العقلاء.

والكاتب هنا لا يعيد التعارض إلى مشكلة بين الدين والعلم، وإنما إلى مشكلة بين رجال الدين ورجال العلم، ورغم أنه يضعها بين رجال المجالين إلا أن الشواهد والسياق يجعلها بسبب من يسميهم رجال الدين، فهم سبب إشكاليه التعارض "ونحن نقول هنا رجال الدين، وليس الدين نفسه لأن رجال الدين بفقههم وتفسيراتهم وتحليلاتهم وبإسقاطاتهم الشخصية الخاصة هم الذين في النهاية يحرمون ويحللون الكثير من المحرمات ويحرمون الكثير من المحللات" (٢)، فإذا رجعنا إلى الشواهد السابقة نجد فيها:

١ - التضليل، فقد يشعر القارئ مع الشاهد الأول بأن هناك مجزرة تاريخية ارتكبت في حق العلماء من قبل رجال الدين كما حدث في أوروبا في الصراع بين الكنيسة والعلم، وإن حدث شيء من العقوبة أو الاعتداء على أحد فليس ذلك بسبب ما عنده من علم.

٢ - الخلط بين العلم والمذاهب الفكرية، فالماركسية مثلًا أو بعض المناهج الفلسفية التي عرفها الفكر الغربي لا تُعد هي العلم، فالعلم له موضوعاته وله مناهجه، وللفلسفة موضوعاتها ومناهجها، فالرؤية الماركسية حول الدين لا يمكن قبولها مطلقًا ولا علاقة لها بالعلم، كما أن المناهج التاريخية التي تحوّل الإِسلام إلى "ظاهرة تاريخية" لا علاقة لها بالسماء والملائكة والوحي والنبوة


(١) انظر: المرجع السابق ٢/ ٢١٧.
(٢) المرجع السابق ٢/ ٢١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>