الرسالة لا يمكن قبولها مطلقًا ولا علاقة لها بالعلم. إن ما يدعيه الكاتب هو تعارض حقيقي ولكنه ليس بين الدين والعلم وإنما بين الدين والإلحاد. أما بقايا الأفكار الماركسية التي لا علاقة لها بالدين أو المناهج المعرفية غير الأيدلوجية، فهي كغيرها من المعارف، تقبل الصواب والخطأ وليست هي مما يبحث هنا.
٣ - يكرر هؤلاء في العادة نظرية "داروين" أو "ماركس" أو "فرويد"، وقد سبق الكلام عليها، ولكن هنا لفتة ذكرها الكاتب، فإن الغرب وإن منعها في بعض مدارسه لم يمنع ذلك من تقدمه؛ لأن التقدم المادي والمعرفي لا يرتبط بنظرية "داروين" أو "فرويد"، ولذا يكون الامتناع أحيانًا عن الشيء؛ لعدم وجود فائدة له أو لعدم تحوله إلى حقيقة علمية، فنظرية "فرويد" خالفها مجموعة من الفرويديين، فما بالك بمدارس أخرى لعلم النفس، وبما أننا أمة مستهلكة للمعرفة، فلماذا نأخذ كل شيء؟ لماذا لا نكتفي بما تحققت صحته وبانت منفعته؟ فضلًا عن أن نرفع ذلك إلى موقع الحقائق الكبرى التي تجد ما يؤهلها لمعارضة الدين!
٤ - نجد في النموذج الأخير "تدريس الجنس أو دراسته" موضوعًا لا علاقة له بالتعارض بين الدين والعلم، فالدين هنا لا يعارضها بمعنى إلغاء حقائقها وإنما يوجه الدين إلى أولى الصور بتعلمها وتعليمها، بينما الكاتب هنا يدخل أمورًا -كغيره- لا علاقة لها بمفهوم التعارض الذي يُبرز كإشكالية في المجال الثقافي. فلا يوجد أحد يقول إن هذه المعلومات غير صحيحة، ولكن ما الضوابط لنشرها في المجتمع؟ وكيف يكون ذلك؟ وهي مسألة تختلف كما سبق في الأمثلة السابقة عن دعوى التعارض.
جاء التنويع في الأمثلة؛ لأن كل مدعي للتعارض يبرز الدعوى في سياق، ثم يركز على جانب من الجوانب في دعواه، بينما الآخر يركز على جانب آخر، وثالث يركز على جانب ثالث وهكذا، وإن كانت في نهاية الأمر وعبر تحليلها تعود إلى شواهد محدودة يغلب عليها سياسة التعميم أو الإجمال أو التلبيس، وما قدموه من شواهد في باب العلم قليل، وهو مع ذلك ليس من الحقائق القطعية، وليس مما يترتب عليه تخلّف أمتنا وضعفها. فلماذا يحرص هؤلاء على ما يعارض الدين، ويرون أنه سبيل تقدمنا؟ بينما المجال واسع في العلوم النافعة والصحيحة والمقطوع بصوابها! لماذا لم تتوجه هممهم إلى تصفية الوافد ونقد ما يصطدم بديننا منه؟ لولا