للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذه الأمراض الخطيرة التي جاء التحذير منها في الوحي -وهي: الجهل والهوى والتقليد والفرقة والنفاق والتشبه بالكفار- هي من أهم مسببات الانحرافات في الأمة، وفقه هذا الأمر يعطينا العلاج لها، فإن نشر العلم الشرعي في الأمة من أعظم الأمور في الوقاية من الانحراف، ومن أعظم وسائل مقاومته، وإذا نُشر العلم وتعلَّمه الناس على مذهب أهل السنة والجماعة ساعد أيضًا -بإذن الله- في تحجيم الأهواء والافتراق والتقليد المذموم والتشبه المحرم، والعلم هنا هو العلم المصحوب بالعمل، فقد كثر تحذير السلف من علم دون عمل؛ لأنه علم لا ينفع كثيرًا (١). ومن العجيب أن نجد بعض من ينتمي إلى الفكر التغريبي قد تنبه إلى أهمية العلاج المديني، وحثّ على الاستفادة من هذا العلاج في مواجهة هذا التغرب المفزع، وقد عدد حسن حنف -مثلًا- صورًا يمكن بها إيقاف التغريب أو التخفيف منه، ومنها: إبراز الموقف الإسلامي من موالاة الكفار والتودد إليهم، فغاية الأعداء القضاء على هويتنا، وإظهار الموقف الإسلامي الرافض للتقليد والتبعية في السلوك وفي العقائد. . وهكذا (٢)، فإذا كان هذا الكلام من قِبَل المنخرطين في العلمنة والتغريب فمن باب أولى على دعاة الإسلام أن يبذلوا جهدهم في نشر العلم والدين والدعوة إلى إيقاف مثل هذه الأمراض.

° القسم الثاني: الأسباب الأخرى الجزئية:

بقي الآن أن نتلمس الأسباب الأخرى التي ما كان لها أن تعمل لولا الأسباب الكبرى السابقة التي حذر منها الشارع العليم الحكيم -سبحانه-، ولكن لوجود الأسباب الكبرى سَهُلَ على غيرها من المؤثرات أن تعمل وتؤثر دون صعوبة.

سأكتفي في هذه الفقرة -إن شاء الله تعالى- بتعداد أهم ما وجدته من أسباب لظاهرة التغريب، وذلك أن تفصيلات كثيرة سيأتي ذكرها -بإذن الله- في


= عنه في الفقه الإسلامي، جميل اللويحق، فضلًا عن كتاب شيخ الإسلام ابن تيمية: اقتضاء الصراط المستقيم.
(١) انظر مثلًا: اقتضاء العلم العمل للخطيب البغدادي بتحقيق الشيخ الألباني.
(٢) انظر: مقدمة في علم الاستغراب، د. حسن حنفي ص ٢٢ - ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>