للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

واستثناء من ذلك فقد يكون التجسس مشروعًا في أحوال معينة كالتجسس على المجرمين، فقد لا يعرفون إلا بطريق التجسس، وقد أجاز الفقهاء التجسس على اللصوص وقطاع الطريق، وطلبهم بطريق التجسس عليهم وتتبع أخبارهم (١) ، وكذلك يجوز التجسس في حال الحرب بين المسلمين وغيرهم لمعرفة أخبار جيش الكفار وعددهم وعتادهم ومحل إقامتهم وما إلى ذلك.

أما الجاسوس الذي يتجسس على المسلمين فقد ذهب الحنفية إلى أن يوجع عقوبة ويطال حبسه حتى يحدث توبة (٢)

، وذهب المالكية إلى أنه يقتل ولا يستتاب ولا دية لورثته كالمحارب لإضراره بالمسلمين وسعيه بالفساد في الأرض، وقيل: يجلد نكالًا ويطال حبسه وينفى من الموضع الذي كان فيه، وقيل: يقتل إلا أن يتوب، وقيل: يقتل إلا أن يعذر بجهل، وقيل: يقتل إن كان معتادًا لذلك (٣) . وذهب الشافعية (٤) إلى أن الجاسوس المسلم يعزر ولا يجوز قتله، وإن كان ذا هيئة - أي سلف كريم في خدمة الإسلام- عفي عنه لحديث حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه (٥) ، وذهب الحنابلة إلى أن الجاسوس يقتل لضرره على المسلمين (٦) .


(١) انظر: تبصرة الحكام لابن فرحون ٢ / ١٧١.
(٢) انظر: الخراج لأبي يوسف ٢٠٥.
(٣) انظر: تبصرة الحكام لابن فرحون ٢ / ١٧٧، وتفسير القرطبي ١٨ / ٥٢.
(٤) انظر: حاشية القليوبي ٤ / ٢٢٦.
(٥) حديث حاطب بن أبي بلتعة أخرجه البخاري ٦ / ١٤٣، وأخرجه مسلم ٤ / ١٩٤١.
(٦) انظر: شرح منتهى الإرادات ٢ / ١٣٨.

<<  <   >  >>