للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه وسلَّم استقبل صلاتك فلا صلاة لرجلٍ فردٍ خلف الصَّفِّ


رجلا يصلي خلف الصف "الحديث" (غريبه) (١) أي أعدها من جديد وعلل ذلك بقوله "فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف" (يعنى صلَّى منفردا خلف الصف) (تخريجه) (جه) قال البوصيرى في زوائد ابن ماجه إسناده صحيح ورجاله ثقات، وروى الأثرم عن الأمام أحمد أنه قال حديث حسن، وقال ابن سيد الناس رواته ثقات معروفون (وفي الباب) عن طلق مرفوعا "لا صلاة لمنفرد خلف الصف" رواه ابن حبان (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أن من صلى منفردا خلف الصف يعيد صلاته، وهل يعيدها وجوباً لبطلانها أو استحباباً مع صحتها؟ اختلف السلف في ذلك؛ فذهب قوم إلى وجوب الأعادة لبطلانها، حكاه ابن المنذر عن النخعى والحكم والحسن بن صالح والأمام أحمد وإسحاق، قال وبه أقول والمشهور عند الأمام (أحمد وإسحاق) أن المنفرد خلف الصف يصح إحرامه، فان دخل في الصف قبل الركوع صحت قدوته وإلا بطلت، واحتج لهؤلاء بأحاديث الباب (وذهب آخرون) إلى صحتها مع الكراهة ويعيدها ندباً (وهم الشافعية) وحكوه عن زيد بن ثابت الصحابى والثورى وابن المبارك وداود، واحتج لهم بحديث أبى بكرة رضي الله عنه أنه أحرم خلف الصف وركع ثم مشى إلى الصف، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم "زادك الله حرصا ولا تغد" (وسيأتى في الباب التالى) وحديث ابن عباس أنه وقف عن يسار النبي صلى الله عليه وسلم فلم تبطل صلاته، وحملوا الأعادة الواردة في أحاديث الباب على الاستحباب جمعا بين الأدلة، وفسروا قوله صلى الله عليه وسلم "لا صلاة لرجل فرد خلف الصف" أي لا صلاة كاملة كقوله صلى الله عليه وسلم "لا صلاة بحضرة الطعام" قالوا ويدل على صحة التأويل أنه صلى الله عليه وسلم انتظره حتى فرغ ولو كانت باطلة لما أقره على الاستمرار فيها (وقال ابن الهمام) من علماء الحنفية وحمل أئمتنا حديث وابصة على الندب وحديث على بن شيبان على نفى الكمال ليوافقا حديث أبى بكرة إذ ظاهره عدم لزوم الأعادة لعدم أمره بها اهـ (وقال الحافظ) جمع أحمد وغيره بين الحديثين يعنى بين حديث وابصة وحديث أبى بكرة بأن حديث أبى بكرة مخصص لعموم حديث وابصة، فمن ابتدأ الصلاة منفردا خلف الصف ثم دخل في الصف قبل القيام من الركوع لم تجب عليه الأعادة كما في حديث أبى بكرة وإلا تجب على عموم حديث وابصة وعلى بن شيبان اهـ (قلت) رحم الله الأمام أحمد ما أعلمه بأسرار السنة، ولا غرو فهو إمام أئمتها، فانظر رعاك الله كيف جمع بين الأحاديث بما يحصل به التوفيق بينها ولا يبطل به شئ من عملها، وهو الذي يتعين المصير اليه وهو الذي ينشرح

<<  <  ج: ص:  >  >>