أبوه محمد شابًّا ابن ثلاثين سنة فوليت أبي أمه. وقال أبي وكانت قد ثقبت أذني فكانت أمي تصير فيهما لؤلؤتين، فلما ترعرعت نزعتهما، فكانت عندها فدفعتهما إلي فبعتها بنحو من ثلاثين درهم".
وينسب الإمام أحمد عادة إلى جده فيقال "أحمد بن حنبل" لأن جده كان أشهر من أبيه فقد كان واليًا على سرخس - من أعمال خراسان - وناصر الدعوة العباسية أول عهدها، وأوذي في ذلك في حين كان أبوه "محمد" بتعبير ابن الجزري "في زي الغزاة" أي أنه كان من سواد الجند المجاهدين، وإن روى عن الأصمعي أنه كان قائدًا.
وأمه هي صفية بنت ميمونة بنت عبد الملك الشيباني. فهي شيبانية كأبيه.
وكانت هي التي كفلت أحمد وأدبته فأحسنت تأديبه. رحمها الله ...
وشيبان قبيلة ربعية عدنانية من صميم العرب، تلتقي مع النبي صلى الله عليه وسلم في نزار بن معد بن عدنان. عرفت بالهمة والنخوة والإباء والحمية. وأنجبت الكثير من مشاهير العرب وفرسانهم في الجاهلية والإسلام. وكانت منازلها بالبصرة. وكان الإمام أحمد إذا جاء البصرة صلى في مسجد مازن، وهم من بني شيبان ويقول "إنه مسجد آبائي"
كانت لوائح النجابة تظهر عليه من الطفولة، فحفظ القرآن ودرس الفقه واللغة وروي عنه أنه قال "كنت وأنا غليم أختلف إلى الكتاب ثم اختلفت إلى الديوان وأنا ابن أربع عشرة سنة" وكان شغفه بالعلم وإقباله عليه يحفزه للخروج قبل انبلاج الفجر فتأخذ أمه ثيابه وتقول حتى يؤذن الناس أو يصبحوا واسترعت نجابته بعض الذين عرفوه وقتئذٍ قال الهيثم بن جميل "إن عاش هذا الفتى فسيكون حجة على أهل زمانه".
طلبه العلم:
عندما بلغ السادسة عشر جلس إلى القاضي أبي يوسف صاحب أبي حنيفة. وروى الحافظ الذهبي في تاريخه عن الخلال أن الإمام أحمد كان قد كتب كتب الرأي وحفظها ثم لم يلتفت إليها. وشرح الله صدره للحديث فلزم هشيم بن بشير بن أبي حازم الواسطي (ولد سنة ١٠٤ وتوفي سنة ١٨٣) الذي انتهى إليه علم