للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٤٩٣١ - حَدَّثَنَا حَوْثَرَةُ بْنُ أَشْرَسَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَقَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بِهَذَا الْأَمْرِ وَشَاعَ فِيهِمْ، وَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطِيبًا وَمَا أَشْعُرُ بِهِ. قَالَتْ: فَخَرَجْتُ ذَاتَ لَيْلَةٍ مَعَ أُمِّ مِسْطَحٍ لِأَقْضِيَ حَاجَةً، فَعَثَرَتْ فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ عَلَامَ تَسُبِّينَ ابْنَكِ وَهُوَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ، وَقَدْ شَهِدَ بَدْرًا؟ فَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا أَسُبُّهُ إِلَّا فِيكِ. قُلْتُ: وَمَا شَأْنِي؟ فَأَخْبَرَتْنِي بِالْأَمْرِ، فَذَهَبَتْ حَاجَتِي فَمَا أَجِدُ مِنْهَا شَيْئًا، وَحُمِمْتُ فَأَتَيْتُ الْمَنْزِلَ، فَإِذَا أُمِّي أَسْفَلُ وَإِذَا أَبِي فَوْقَ الْبَيْتِ يُصَلِّي، فَالْتَزَمَتْنِي فَبَكَتْ وَبَكَيْتُ، فَسَمِعَ أَبُو بَكْرٍ بُكَاءَنَا فَقَالَ: مَا شَأْنُ ابْنَتِي؟ قَالَتْ أُمِّي: سَمِعَتْ بِذَاكَ الْخَبَرِ. قَالَ: مَكَانَكِ حَتَّى نَغْدُو مَعَكِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَغَدَوْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَمَا مَنَعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَانُهَا أَنْ تَكَلَّمَ فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ إِنْ كُنْتِ أَسَأْتِ أَوْ أَخْطَأْتِ فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وَتُوبِي إِلَيْهِ». فَقُلْتُ لِأَبِي: تَكَلَّمْ. فَقَالَ: بِمَ أَتَكَلَّمُ؟ فَقُلْتُ لِأُمِّي: تَكَلَّمِي. فَقَالَتْ: بِمَ أَتَكَلَّمُ؟ فَحَمِدْتُ اللَّهَ وَأَثْنَيْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ قُلْتُ: وَاللَّهِ لَئِنْ قُلْتُ: قَدْ ⦗٣٣٦⦘ فَعَلْتُ - وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فَعَلْتُ - لَتَقُولُنَّ: قَدْ أَقَرَّتْ، وَلَئِنْ قُلْتُ: مَا فَعَلْتُ - وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فَعَلْتُ - لَتَقُولُنَّ: كَذَبَتْ، فَمَا أَجِدُ لِي وَلَكُمْ مَثَلًا إِلَّا مَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ - فَنَسِيتُ اسْمَهُ فَقُلْتُ: أَبُو يُوسُفَ -: {صَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ}. فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جَارِيَةٍ نُوبِيَّةٍ فَقَالَ: «يَا فُلَانَةُ، مَاذَا تَعْلَمِينَ مِنْ عَائِشَةَ؟» فَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ عَلَى عَائِشَةَ عَيْبًا إِلَّا أَنَّهَا تَنَامُ وَتَدْخُلُ الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُ خَمِيرَهَا وَحَصِيرَهَا، فَلَمَّا فَطِنَتْ لِمَا يُرِيدُ قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ مِنْ عَائِشَةَ إِلَّا مَا يَعْلَمُ الصَّائِغُ مِنَ التِّبْرِ الْأَحْمَرِ. فَصَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِنْبَرَ فَقَالَ: «أَشِيرُوا عَلَيَّ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ فِي قَوْمٍ أَبَنُوا أَهْلِي، وَايْمُ اللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي سُوءًا قَطُّ وَأَبَنُوهُمْ بِمَنْ؟ وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَطُّ، وَمَا دَخَلَ بَيْتِي إِلَّا وَأَنَا شَاهِدٌ، وَلَا سَافَرْتُ إِلَّا وَهُوَ مَعِي». فَقَالَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ: أَرَى يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ تَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ، فَقَامَ رِجَالٌ مِنَ الْخَزْرَجِ فَقَالُوا: وَاللَّهِ لَوْ كَانُوا مِنْ رَهْطِكَ الْأَوْسِ مَا أَمَرْتَ بِضَرْبِ أَعْنَاقِهِمْ، حَتَّى كَادَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ كَوْنٌ، وَنَزَلَ الْوَحْيُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَمَا سُرِّيَ عَنْهُ حَتَّى رَأَيْتُ السُّرُورَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ ⦗٣٣٧⦘. فَقَالَ: «أَبْشِرِي يَا عَائِشَةُ فَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ عُذْرَكِ» فَقَالَ أَبَوَايَ: قَوْمِي فَقَبِّلِي رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: أَحْمَدُ اللَّهَ لَا إِيَّاكُمَا، وَتَلَا عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ}، {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} [النور: ١٦]. وَكَانَ مِمَّنْ تَوَلَّى كِبْرَهُ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ وَمِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ وَحَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ، وَكَانَ يُتَحَدَّثُ بِهِ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ فَيَسْمَعُهُ وَيَسْتَوْشِيهِ وَيُذِيعُهُ، وَكَانَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ إِذَا سُبَّ عِنْدَ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَا تَسُبُّوا حَسَّانَ؛ فَإِنَّهُ كَانَ يُكَافِحُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ تَقُولُ: أَيُّ عَذَابٍ أَعْظَمُ مِنْ ذَهَابِ عَيْنَيْهِ؟ وَقَالَ الَّذِي قِيلَ لَهُ مَا قِيلَ: وَاللَّهِ إِنْ كَشَفْتُ عَنْ كَنَفِ أُنْثَى قَطُّ. وَقُتِلَ شَهِيدًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ يُكَذَّبُ نَفْسَهُ:

[البحر الطويل]

حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيبَةٍ ... وَتُصْبِحُ خَمْصَى مِنْ لُحُومِ الْغَوَافِلِ

فَإِنْ كُنْتُ قَدْ قُلْتُ الَّذِي قَدْ زَعَمْتُمْ ... فَلَا حَمَلَتْ سَوْطِي إِلَيَّ أَنَامِلِي

وَكَيْفَ؟ وَوُدِّي مَا حَيِيتُ وَنُصْرَتِي ... لِآلِ رَسُولِ اللَّهِ زَيْنِ الْمَحَافِلِ

أَأَشْتُمُ خَيْرَ النَّاسِ بَعْلًا وَوَالِدًا ... وَنَفَسًا؟ لَقَدْ أُنْزِلْتُ شَرَّ الْمَنَازِلِ

[حكم حسين سليم أسد] : إسناده حسن

<<  <  ج: ص:  >  >>