للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَحْيَانًا لَا نَجِدُ ظِلًّا نَجْلِسُ فِيهِ.

قِيلَ (١): إِنَّ أَمْرَ النَّبِيِّ بِالإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ بَعْدَ أَنْ كَانَ يُصَلِّيهَا فِي الحَرِّ، فَثَبَتَ نَسْخُ تَعْجِيلِ الظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الحَرِّ، وَوَجَبَ اسْتِعْمَالُ الإِبْرَادِ فِي شِدَّةِ الحَرِّ.

وَقَالَ قَوْمٌ: حُكْمُ الظُّهْرِ أَنْ يُعَجَّلَ فِي سَائِرِ الزَّمَانِ لِمَنْ أَرَادَ الأَخْذَ بِالأَفْضَلِ، لأَنَّ النَّبِيَّ كَانَ يُعَجِّلُهَا فِي أَكْثَرِ أَمْرِهِ، وَإِنَّمَا أَمَرَهُمْ بِالإِبْرَادِ رُخْصَةً لَهُمْ لِشِدَّةِ الحَرِّ عِنْدَهُمْ رِفْقًا بِهِمْ.

قَالَ مَسْرُوقٌ: (صَلَّيْتُ خَلْفَ عَبْدِ اللهِ بن مَسْعُودٍ الظُّهْرَ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ، فَقَالَ: هَذَا وَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَقْتُ هَذِهِ الصَّلَاةِ) (٢)، وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى الزَّمَانِ كُلِّهِ.

وَفِي حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: (وَرُبَّمَا أَخَّرَهَا فِي شِدَّةِ الحَرِّ) (٣).

قَالَ بَعْضُ العُلَمَاءِ (٤): إِنَّمَا خَطَبَ النَّبِيُّ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ بَعْدَ الصَّلَاةِ،


(١) ينظر شرح ابن بطال (٢/ ١٦١).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (١/ ٣٢٣)، وابن المنذر في الأوسط (٢/ ٣٥٩)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (١/ ١٨٦)، من طريق الأعْمَش عن عَبْد الله بن مُرَّةَ عَن مَسْرُوقٍ به، ورجالُه ثِقَاتٌ.
(٣) أخرجه أبو داود (رقم: ٣٩٤) وابن خزيمة في صحيحه (١/ ١٨١)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (١/ ١٨٨)، وابن حبان كما في الإحسان (٤/ ٢٩٨)، والدارقطني في سننه (١/ ٢٥٠)، والحاكم في المستدرك (١/ ١٩٢)، والبيهقيُّ في الكبرى (١/ ٣٦٣ و ٤٣٥) من طرق عن الزُّهري عَن عُرْوَة عن أبي مَسْعُودٍ به. قَالَ الحَاكِمُ: صحيحٌ، ووافَقَه الذهبي.
(٤) الكلام للمُهَلَّب بن أبي صُفْرَة، كما في شرح ابن بطال (٢/ ١٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>