للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتُسْمَعُ قِرَاءَتُهُ، فَإِنَّهُ لَا يَقْرَأُ، لِقَوْلِهِ: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا﴾ (١)، وَهَذَا لَا يَكُونُ إِلَّا فِي صَلَاةِ الجَهْرِ، لأَنَّ السِّرَّ لَا يُسْتَمَعُ إِلَيْهِ.

وَلِقَوْلِهِ : (وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا) (٢)، وَقَدْ صَحَّحَهُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ.

وَقَالَ (٣) قَوْمٌ: هُوَ عَلَى الخُصُوصِ، وَإِنَّمَا خُوطِبَ بِذَلِكَ مَنْ صَلَّى وَحْدَهُ، فَأَمَّا مَنْ صَلَّى وَرَاءَ إِمَامٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ فِيمَا جَهَرَ وَلَا فِيمَا أَسَرَّ، هَذَا قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَالكُوفِيِّينَ) (٤).

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (٥) وَالثَّوْرِيُّ: القِرَاءَةُ وَاجِبَةٌ فِي الرَّكْعَتَيْنِ مِنَ الظَّهْرِ وَالعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالعِشَاءِ، وَلَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ فِي بَاقِيهَا، وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ القِرَاءَةَ لَوْ كَانَتْ وَاجِبَةً فِي الأُخْرَيَيْنِ لَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ مَعَهَا كَالأُولَيَيْنِ.


(١) سورة الأعراف الآية (٢٠٤).
(٢) أخرجه مسلم (رقم: ٤٠٤). وقد أكثر الأئمَّةُ في الكلام عن هَذِهِ الزِّيَادَةِ، وإِلْحَاقِ الوَهَم فِيهَا بِأَبِي خَالِدٍ، وتَوَسَّعَ الإمام البَيْهقيُّ في الكَشْفِ عَنْ عِلَلِها، وذِكْر طُرُقِها في سُنَنه الكبرى (٢/ ١٥٥ - ١٥٦)، ونقلَ بُطْلانها عن جَمَاعَةٍ مِنَ المحقِّقِينَ النَّقَدَة مِنْهُم: يحيى بنُ مَعِينٍ، وأبو حَاتم الرازي، وأبو داود السِّجِسْتَاني، وغيرهم.
والحديثُ صحَّحه مُسْلِمٌ كما في صحيحه (رقم: (٤٠٤)، فقَدْ قِيلَ لَهُ: حَدِيثُ أبي هُرَيْرَة هَذا صَحِيحٌ هُوَ؟ قَال: نَعَمْ، قِيلَ: لِمَ لَمْ تَضَعْه هُنا؟ قَال: لَيْسَ كُلُّ شَيْءٍ صَحِيحٌ وَضَعْتُه هنا، إِنَّما وَضَعْتُ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ"، وصححه أحمدُ كما في البدر المنير لابن الملقن (٤/ ٤٨٢)، وينظر: الدراية في تخريج أحاديث الهداية لابن حجر (ص: ١٦٤)، ونصب الراية للزيلعي (١/ ٢٦١).
(٣) في المخطوط: (قام)، وهو تَصْحِيفٌ!!
(٤) الهداية (١/ ٥٩)، بدائع الصنائع للكاساني (١/ ١٤٠).
(٥) الأصل لمحمد بن الحسن (١/ ١٦٣)، مختصر الطحاوي (ص: ٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>