للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي قَوْلِهِ: (تَبْكِينَ أَوْ لَا تَبْكِينَ): إِبَاحَةُ البُكَاءِ.

وَقَوْلُهُ: (لَا يَجْمَعُ اللَّهُ عَلَيْكَ مَوْتَتَيْنِ)، إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّ عُمَرَ قَالَ: (إِنَّ الله سَيَبْعَثُ نَبِيَّهُ، فَيَقْطَعُ أَيْدِي رِجَالٍ وَأَرْجُلَهُمْ)، أَرَادَ أَنَّهُ لَا يَجْمَعُ اللَّهُ عَلَيْكَ مَوْتَتَيْنِ فِي الدُّنْيَا كَقَوْلِهِ: ﴿لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى﴾ (١).

وَفِيهِ أَنَّ أَبَا بَكْرِ أَعْلَمُ مِنْ عُمَرَ، وَهَذِهِ إِحْدَى الْمَسَائِلِ الَّتِي ظَهَرَ فِيهَا

فَضْلُ عِلْمٍ أَبِي بَكْرٍ وَرَجَاحَةُ رَأيهِ.

وَفِي قَوْلِهِ: (فَمَالَ النَّاسُ إِلَيْهِ) دَلَالَةٌ عَلَى عَظِيمٍ مَنْزِلَتِهِ عِنْدَ الصَّحَابَةِ ، وَقَدْ أَقَرَ بِذَلِكَ عُمَرُ حِينَ مَاتَ أَبُو بَكْرٍ ، فَقَالَ: (وَاللَّهِ مَا أُحِبُّ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ بِمِثْلِ عَمَلِ أَحَدٍ إِلَّا بِمِثْلِ عَمَلِ أَبِي بَكْرٍ، وَلَوَدِدْتُ أَنِّي شَعْرةٌ فِي صَدْرِ أَبِي بَكْرٍ) (٢).

* وَفِي حَدِيثِ أُمِّ العَلَاءِ (٣): دَلَالَةٌ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ القِبْلَةِ بَجنَّةٍ وَلَا نَارٍ، وَلَكِنْ يُرْجَى لِلمُحْسِنِ، وَيُخَافُ عَلَى الْمُسِيءِ (٤)


(١) سورة الدخان، الآية (٥٦).
(٢) الأثر: أخرجَ الجُزْء الأخير منه: (وَدِدْت أنِّي شَعْرَةٌ في صَدْر أبي بَكْر) معاذ بن المثنى في زيادات مُسَدَّدٍ - كما في المطَالِب العَالِية للحافظ ابن حجر (١٥/ ٧١٤) من طريق أبي مِكْيَس ثنا سُفْيَان عن مَالِكِ بن مِغْولٍ عن عُمَر به.
وفيه أبو مِكْيَسٍ هَذا دِينَارُ الحَبَشِي، قالَ الذَّهَبي في السِّيَر (١٠/ ٣٧٧): يَغْلب على ظَنِّي أَنَّه كَذَّاب.
وتابَعَه: مَهْدي بنُ حَفْصٍ عِنْدَ ابن أبي الدُّنْيَا في كتاب المتَمَنِّين (ص ٥٧) عنه عن سُفيان به مثله. وأخرجه ابن أبي الدنيا في المتمنين أيضا (٥٧) - ٥٨) من طريق: حمَّادِ بن زَيد عن أيوب عن أبي عِمْران الجُوني عن عُمَر به، وسَنَدُه صَحِيحٌ.
(٣) حديث (رقم: ١٢٤٣).
(٤) وهذا مذهبُ أهْلِ السُّنَّة والجماعة، كما قال الإمام الطحاوي في عَقِيدَتِهِ المُشْهُورة: "ولا نُنْزِلُ أَحَدًا مِنْهُم جَنَّةً ولا نَارًا". =

<<  <  ج: ص:  >  >>