للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ دَخَلَ الكَعْبَةَ وَصَلَّى فِيها، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.

وَثَبَتَ أَنَّهُ دَخَلَ البَيْتَ فَكَبَّرَ فِي نَوَاحِيهِ، وَلَمْ يُصَلَّ فِيهِ، وَهَذَا أَيْضًا كَانَ فِي وَقْتٍ آخَرَ.

رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: (إِنَّ رَسُولَ اللهِ لَمَّا قَدِمَ أَبَى أَنْ يَدْخُلَ الْبَيْتَ وَفِيهِ الْآلِهَةُ، فَأَمَرَ بِهَا فَأُخْرِجَتْ، فَأَخْرَجُوا صُورَةَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ فِي أَيْدِيهِمَا الْأَزْلَامُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : قَاتَلَهُمُ اللَّهُ! أَمَا وَاللهِ قَدْ عَلِمُوا أَنَّهُمَا لَمْ يَسْتَقْسِمَا بِهَا قَطُّ، فَدَخَلَ الْبَيْتَ فَكَبَّرَ فِي نَوَاحِيهِ وَلَمْ يُصَلِّ فِيهِ) (١).

قَوْلُهُ: (قَاتَلَهُمُ اللهُ)، يَعْنِي: الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ صَوَّرُوا صُورَةَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ، وَنَسَبُوا إِلَيْهِمَا الضَّرْبَ بِالقِدَاحِ، وَكَانَا بَرِيئَيْنِ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ شَيْءٌ أَحْدَثَهُ الكُفَّارُ الَّذِينَ غَيَّرُوا دِينَ إِبْرَاهِيمَ ، وَأَحْدَثُوا إِحْدَاثًا (٢).

(وَالأَزْلَامُ): القِدَاحُ الَّتِي كَانُوا يَضْرِبُونَ بِهَا عَلَى المَيْسِرِ.

قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: زُلِّمَتْ أَيْ: سُوِّيَتْ، وَأُخِذَ مِنْ حُرُوفِهَا، وَكَانُوا يَضَعُونَهَا فِي وِعَاءٍ لَهُمْ، وَيَكْتُبُونَ عَلَيْهَا الأَمْرَ وَالنَّهْيَ؛ فَإِذَا أَرَادَ الرَّجُلُ سَفَرًا أَوْ حَاجَةً أَدْخَلَ يَدَهُ فَأَخْرَجَ مِنْهَا زَلَمًا، أَي قَدَحًا، فَإِنْ خَرَجَ الأَمْرُ مَضَى لِوِجْهَتِهِ، وَإِنْ خَرَجَ النَّهْيُّ انْصَرَفَ.

وَقَالَ سُرَاقَةُ لَمَّا خَرَجَ عَلَى إِثْرِ النَّبِيِّ حِينَ خَرَجَ مِنَ الغَارِ: (فَأَدْخَلْتُ


(١) حديث (رقم: ١٦٠١).
(٢) نقل هذه العبارة بطولها العيني في عُمدة القاري (٩/ ٢٤٧)، ونسبها لقِوَام السُّنَّة التَّيْمي.

<<  <  ج: ص:  >  >>