للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ لَهَا: (اشْتَرِي بَرِيرَةَ، واشْتَرِطِي) (١)، البَيعُ جَائزٌ، والشَّرطُ باطلٌ.

فَأَتَيْتُ ابْنَ شُبْرُمَةَ فَذَكرتُ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: لَا أَدْرِي مَا قَالَا، حَدَّثَنِي مِسْعَرُ بن كِدَامٍ عَنْ مُحَارِبِ بن دِثَارٍ عَن جَابِرِ بن عبدِ الله قالَ: (بِعْتُ مِنَ النَّبِيِّ نَاقَةً واشْتَرطتُ حِمْلَانَهَا إِلَى المَدِينَة) (٢)، فَأَجَازَ البَيعَ والشَّرطَ (٣).

قَالَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاق بنُ خُزيمَة: احْتِجَاجُ أَبي حَنِيفَة بالخبَرِ الَّذِي رواهُ فِي هذِهِ الْمَسْأَلَةِ غَلَطٌ وَسَهْوٌ، سُئِلَ عن بَائِعٍ بَاعَ بَيْعًا، واشْتَرَطَ شَرْطًا، فَاحْتَجَّ بِأَنَّ النَّبِيَّ (نَهَى عَنْ شَرْطَينِ في بَيعٍ)، وظَاهِرُ هَذَا الخَبرِ إِنْ احتَجَّ به مُحتَجٌّ يَدُلُّ أنَّ الشَّرْطَ الوَاحِدَ جَائزٌ في البيعِ، لأنَّهُ إذَا نَهَى عَنْ شَرْطَيْنِ فِي بَيْعٍ دَلَّ أَنَّ شَرْطًا وَاحِدًا جَائزٌ.

وأمَّا احْتِجَاجُ ابن أبي لَيْلَى بِقِصَّةِ بَرِيرَةَ، قَالُوا: الْوَلَاءُ لَا يَجوزُ أَنْ يَكُونَ لِغَيْرِ الْمُعْتِقِ، ومُحالٌ أَنْ يُؤخَّرَ الوَلاءُ، فالنَّبيُّ إِنَّمَا أَبْطَلَ شَرْطَ الْوَلاءِ فِي الْبَيعِ، لأَنَّ الْوَلاءَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَمْلِكَهُ غَيْرُ الْمُعْتِقِ.

فأَمَّا احتِجَاجُ ابْنِ شُبْرُمَةَ بِخَبَرِ جَابِرٍ، فَهُوَ كَمَا احْتَجَّ فِي جَوَازِ الْبَيعِ مَعَ جَوازِ الشَّرطِ.


(١) أخرجه البخاري (رقم: ٢١٥٥)، ومسلم (رقم: ١٥٠٤) من طرق عن هِشَام بن عُرْوَةِ به.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) أخرج القصة: الطبراني في الأوسط (٤/ ٣٣٥)، وابن عبد البر في التمهيد (٢٢/ ١٨٥)، وابن العربي في القبس (٢/ ٨٠٦ - ٨٠٧) من طريق عبد الله بن أيوب القربي عن محمد بن سليمان الذهلي عن عبد الوارث به.

<<  <  ج: ص:  >  >>