للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ، فَقَاتَلَهُمْ أَبُو بَكْرٍ قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: "يَعْنِي: حَتَّى قُتِلُوا وَمَاتُوا عَلَى الكُفْرِ، وَقَدْ وَصَلَهُ الإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ قَبِيصَةَ" (١).

وَقَدِيمًا اسْتَدَلَّتِ الرَّافِضَةُ بِمِثْل هَذِهِ الرِّوَايَاتِ لِتَحْقِيقِ مَآرِبِهِمُ الخَبِيثَةَ، قَالَ الإِمَامُ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي مَعْرِضِ رَدِّهِ عَلَيْهِمُ الاسْتِدْلَالَ بِالحَدِيثِ عَلَى رِدَّةِ الصَّحَابَةِ: "فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَرْضَى اللهُ ﷿ عَنْ أَقْوَامٍ وَيَحْمَدَهُمْ، وَيَضْرِبَ لَهُمْ مَثَلًا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَرْتَدُّونَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ ؟ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا: إِنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ!! وَهَذَا هُوَ شَرُّ الكَافِرِينَ" (٢).

وَنَقَلَ عَبْدُ القَاهِرِ البَغْدَادِيُّ الإِجْمَاعَ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى، فَقَالَ: "وَأَجْمَعَ أَهْلُ السُّنَّةِ عَلَى أَنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ مِنْ كِنْدَةَ، وَحَنِيفَةَ، وَفَزَارَةَ، وَبَنِي أَسَدٍ، وَبَنِي قُشَيْرٍ، وَبَنِي بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ لَمْ يَكُونُوا مِنَ الْأَنْصَارِ وَلَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَإِنَّمَا أَطْلَقَ الشَّرْعُ اسْمَ الْمُهَاجِرِينَ عَلَى مَنْ هَاجَرَ إِلَى النَّبِيِّ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَأُولَئِكَ بِحَمْدِ اللهِ وَمَنِّهِ دَرَجُوا عَلَى الدِّينِ القَوِيمِ، وَالصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ" (٣).

وَذَكَرَ الإِمَامُ الشَّاطِبِيُّ وَجْهًا آخَرَ فِي تَأْوِيلِ هَذَا الحَدِيثِ، فَحَمَلَهُ عَلَى أَهْلِ البِدَعِ الَّذِينَ غَيَّرُوا بَعْدَهُ ، يَقُولُ : "وَلِقَوْلِهِ: (قَدْ بَدَّلُوا بَعْدَكَ)، وَلَوْ كَانَ الكُفْرُ، لَقَالَ: قَدْ كَفَرُوا بَعْدَكَ، وَأَقْرَبُ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ تَبْدِيلُ السُّنَّةِ، وَهُوَ وَاقِعٌ


(١) الفتح (١١/ ٣٨٥).
(٢) تأويل مختلف الحديث (ص: ٣٤٢).
(٣) الفرق بين الفرق (ص: ٣٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>