للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ (١) دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ طَاعَةَ السُّلطَانِ وَاجِبَةٌ إِذَا أَقَامَ كِتَابَ الله وَسُنَّةِ رَسُولِهِ ، فَإِنْ خَالَفَ الكِتَابَ؛ أوْ أَمَرَ بِالْمَعْصِيَةِ فَلَا طَاعَةَ لَهُ في الْمَعْصِيَةِ" (٢).

وقَالَ فِي مَوْطِنٍ آخَرَ مِنْهُ: "وَفِيهِ الحَثُّ عَلَى طَاعَةِ السُّلْطَانِ؛ وَإِنْ كَانَ ظَلُومًا؛ مَا لم يُفْسِد الدِّينَ" (٣).

وَهَذَا الَّذِي قَرَّرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَيْضًا مِنْ جُمْلَةِ عَقَائِدِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ، مِنْ وُجُوبِ السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِوُلَاةِ الأُمُورِ، وَتَحْرِيمِ شَقِّ يَدِ الطَّاعَةِ، وَتَحْرِيمِ الخُرُوجِ عَلَى أَئِمَّةِ الجَوْرِ، وَمَا يَلْزَمُ ذَلِكَ مِنَ الدُّعَاءِ لِلسُّلْطَانِ بِالصَّلَاحِ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الأَدِلَّةُ الكَثِيرَةُ مِنَ الْقُرْآنِ الكَرِيمِ، وَتَوَاتَرَتْ بِهِ السُّنَّةُ الصَّحِيحَةُ عَنْ رَسُولِ اللهِ ، وَعَدَّهُ الأَئِمَّةُ أَصْلًا مِنْ أُصُولِ السُّنَّةِ (٤)، وَقَدْ حَكَى الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ الإِمَامُ أَبُو الحَسَنِ الأَشْعَرِيُّ فِي كِتَابِهِ رِسَالَةٌ إِلَى أَهْلِ الثَّغْرِ.

يَقُولُ : "وَأَجْمَعُوا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وَعَلَى أَنَّ كُلَّ مَنْ وَلِيَ شَيْئًا مِنْ أُمُورِهِمْ عَنْ رِضًى أَوْ غَلَبَةٍ، وَامْتَدَّتْ طَاعَتُهُ مِنْ بَرٍّ وَفَاجِرٍ لَا يَلْزَمُ الخُرُوجُ عَلَيْهِمْ بِالسَّيْفِ جَارَ أَوْ عَدَلَ وَعَلَى أَنْ يَغْزُوا مَعَهُمُ العَدُوَّ، وَيَحُجَّ مَعَهُمُ البَيْتَ، وَيَدْفَعَ إِلَيْهِمُ الصَّدَقَاتِ إِذَا طَلَبُوهَا وَيُصَلِّيَ خَلْفَهُمُ الجُمَعَ وَالأَعْيَادَ" (٥).


(١) أخرجه البخاري (رقم: ٢٩٥٥)، ومسلم (رقم: ١٨٣٩).
(٢) التحرير في شرح صحيح مسلم (ص: ٤٣٢ - ٤٣٣).
(٣) المصدر السابق (ص: ٤٣٧).
(٤) أصول السنة للإمام أحمد (ص: ٤٢).
(٥) رسالة إلى أهل الثغر لأبي الحسن الأشعري (ص: ٢٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>