للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَالُ بِوِرَاثَةٍ أَوْ غَيْرِهَا صَفْوًا عَفْوًا فَلَا يَكُونُ كَاسِبًا.

وَفِقْهُ اللُّغَةِ يَحْمِلُنَا أَيْضًا عَلَى أَنْ يُجْعَلَ الكَسْبُ هَا هُنَا: التَّصَرُّفَ لِلْعَاجِزِ - وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَقِيرًا - فِي تَحْصِيلِ المَالِ لَهُ، وَقَضَاءِ دَيْنِهِ.

وَذَكَرَ إِمَامُنَا الوَالِدُ (١) فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ وَجْهًا آخَرَ اسْتَحْسَنَهُ، قَالَ: مَعْنَاهُ: تَسْعَى فِي طَلَبِ عَاجِزٍ تُنْعِشُهُ، كَمَا أَنَّ غَيْرَكَ يَسْعَى فِي طَلَبِ مَالٍ يُثْمِرُهُ.

فَالكَسْبُ هُوَ الاسْتِفَادَةُ، فَكَمَا يَرْغَبُ غَيْرُكَ أَنْ يَسْتَفِيدَ مَالًا، تَرْغَبُ أَنْ تَسْتَفِيدَ عَاجِزًا تَجْبُرُهُ، [وَهَذَا] (٢) أَوْلَى؛ لِأَنَّكَ لَا تَحْتَاجُ فِيهِ إِلَى إِضْمَارِ شَيْءٍ كَمَا يُحْتَاجُ هُنَالِكَ إِلَى إِضْمَارٍ، وَالأَصْلُ الإِظْهَارُ.

وَقَوْلُهَا: (وَتَقْرِي الضَّيْفَ) أَيْ: تُطْعِمُهُ، يُقَالُ: قَرَى ضَيْفَهُ يَقْرِيهِ، فَهُوَ قَارٍ، قَالَ الشَّاعِرُ يَمْدَحُ امْرَأَةً: [مِنَ الطَّوِيلِ]

مِنَ الْمُهْدِيَاتِ المَاءَ بِالماءِ بَعْدَمَا … [رَمَى] (٣) بِالمَقَاري كُلَّ قَارٍ وَمُعْتِمِ (٤)

القَارِي: الَّذِي يَقْرِي الضَّيْفَ، وَالْمُعْتِمُ: الَّذِي يَتَحَبَّسُ بِالقِرَى وَيُبْطِئُ بِهِ، وَالْمَقَارِي: جَمْعُ مِقْرَاءَ: مَا يُقْرَى فِيهِ (٥)، وَالمَقَارِي فِي بَيْتِ كَعْبِ بْنِ


(١) في المخْطُوط: (الوَلَد)، وَهُو خَطَأ، فَهَذِهِ القِطْعَة من شَرْحِ الابنِ مُحَمَّد بن أبي القَاسِمِ كَمَا بَيَّنْتُه في قِسْم الدِّرَاسة.
(٢) في المخْطُوط كَلِمَةٌ مَخْرُومَة، اجْتَهَدت فِي تَقْدِيرهَا.
(٣) مطْمُوسَة في المخْطُوط، والاسْتِدْراكُ من مَصَادِر التَّخْرِيج.
(٤) البيت نسَبَهُ الجَاحِظُ في البُخَلاء (ص: ٢٢٠) للعُجير السَّلولي، وذكره في الحيوان (٢/ ٦)، وابنُ قُتَيْبَة في المعَاني الكبير (ص: ١٩)، وَلَم يَنْسبَاهِ لِقَائِل.
(٥) قال ابن قُتَيبة في المصْدَر السَّابق: "المقَارِي: الجِفَان".

<<  <  ج: ص:  >  >>