للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَدْ فَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الإِسْلَامِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ : (لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُو مُؤْمِنٌ) (١) الخَبَرَ.

قَالَ أَهْلُ العِلْمِ فِي هَذَا قَولَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُمْ قَالُوا: أَرَادَ نَفْيَ كَمَالِ الإِيمَانِ، كَمَا يُقَالُ: لَا فَتىً إِلَّا عَلِيٌّ، وَلَا سَيْفَ إِلَّا ذُو الفَقَارِ، وَلَا صَلَاةَ لِجَارِ المَسْجِدِ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ.

وَيُرَادُ بِهِ نَفْيُّ الْوَصْفِ، لَا نَفْيُّ الْأَصْلِ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِذَا زَنَا خَرَجَ مِنَ الإِيمَانِ الَّذِي هُوَ أَخَصُّ وَأَضْيقُ، إِلَى الإِسْلَامِ الَّذِي هُوَ أَعَمُّ وَأَوْسَعُ.

وَمِمَّا يَدُلُّكَ عَلَى وُقُوعِ الفَرْقِ بَيْنَ الإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ وَإِنْ كَانَا ابْتِدَاءً خِلَّانِ، وَيَقُومُ أَحَدُهُمَا مَقَامَ صَاحِبِهِ قَوْلُهُ ﷿: ﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا﴾ (٢)، وَقَولُهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ (٣)، وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي عُبَيْدٍ، وَأَحْمَدَ بن حَنْبَلٍ، وَجَمَاعَةٍ مِنَ الفُقَهَاءِ (٤).


(١) أخرجه البخاري في صحيحه في مَواطِن منها (رقم: ٢٤٧٥)، ومُسْلم (رقم: ٥٧) من حديث أبي هريرة .
(٢) سورة الحجرات، الآية: (١٤).
(٣) سورة الأحزاب، الآية: (٣٥).
(٤) نَقَل الإِجْمَاعَ على التَّفْرِيق بَيْن الإِسْلام والإيمان الحافِظُ ابن مَنْده في كتابه الإيمان (١/ ٣١١)، وَقَال: "وَقَالَ بهذَا القَوْلِ جَمَاعَةُ الصَّحَابَة والتَّابِعِين، مِنْهُم: ابن عَبَّاس، والحَسَنُ، ومحمَّد بن سيرين". ويُنْظَر: السُّنَّة للخلال (٣/ ٦٠٢ - ٦٠٥)، والحُجَّة في بيان المحجَّة لِقِوامِ السُّنَّة التَّيْمي (١/ ٤٠٦) فما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>