وقال مسلم في كتاب التمييز (ص: ١٨١ - ١٨٢): "ذِكْر الأَحَادِيثِ الَّتِي نُقِلَت على الغَلَط في متونها .... وذَكَر الحَدِيثَ، ثُمَّ قالَ: فهذهِ الرِّوايةُ عن أبي إسحاقَ خَاطِئَةٌ، وذلكَ أَنَّ النَّخعي وعبد الرحمن بنَ الأسْود جَاءَا بخِلاف مَا رَوى أبُو إسحاق". وقال التِّرمذي: روى غيرُ واحِدٍ عن الأَسْود عن عائِشَة ﵂ عن النَّبيِّ ﷺ (أَنَّه كَانَ يَتَوَضَّأَ قَبْل أَن يَنَام)، وهذا أصحُّ من حديثِ أبي إِسْحاق عن الأَسْود، وقد رَوَى عن أبي إِسحَاقَ هذا الحديثَ: شُعَبَةُ وسُفْيان وغيرُ وَاحِدٍ، ويَرَوْنَ أنَّ هذا غَلَطٌ مِنْ أبِي إِسْحَاق" اهـ. وقال أحمد بنُ صالحٍ المصري: "لا تَحِلُّ روايةُ هذا الحديثِ"، وفسَّرهُ ابن رجَبٍ الحنْبليُّ في شرح البخاري المسمَّى فتح الباري (١/ ٣٦٢)، قال: "يعنِي أنَّه خطأٌ مَقْطُوعٌ بِه، فلا تَحِلُّ روايتُه دُونَ بَيَانِ عِلْتِه" اهـ. ونقل تضْعِيفَ هذا الحديث عن سُفيانَ الثَّوري ابن المُنْذِر في الأوْسط (٢/ ٩١)، وابنُ عَبْدِ البَرِّ في التَّمهيد (١٧/ ٣٩). وقال شُعبة: "قَد سَمِعتُ حديثَ أبي إِسْحَاق أَنَّ النَّبي ﷺ كانَ يَنَام جُنُبا، ولَكِن أَتَّقِيه". وينظر: العلل لابن أبي حاتم (١١٥). وأطالَ النَّفَس في الكَلام عنْ هذَا الحَدِيث الإمامُ ابن رَجَبٍ الحنْبليُّ في كتابه فتح الباري (١/ ٣٦٢ - ٣٦٣)، وقال: "وهذَا الحَدِيثُ ممَّا اتَّفَقَ أئمَّة الحديثِ مِنَ السَّلَف على إِنْكَارِهِ عَلَى أَبِي إِسْحَاق، منهم: إسماعيلُ بنُ أبي خَالِدٍ، وشُعْبَة، ويَزِيدُ بنُ هَارُون، وأحمد بن حنبل، وأبو بَكْر بن أبي شَيْبة، ومُسْلِم بن الحجاج، وأبُو بَكر الأَثْرم، والجُوزَجَاني، والتِّرمذي، والدَّارَقطني. وأَمَّا الفُقهاءُ المتَأَخِّرون فكثيرٌ منْهُم نَظَر إلى ثِقَةِ رِجَاله، فَظَنَّ صِحَّتَه، وهَوْلاءِ يَظُنُّونَ أَنَّ كُلَّ حَدِيثٍ رَوَاهُ ثِقَةٌ فَهُو صَحِيحٌ، ولَا يَتَفَطَّنُونَ لِدَقَائِقِ عِلْمِ العِلَل" اهـ. قلتُ: ومِمَّن صَحَّحه كما قالَ ابن رَجَبٍ من مُتَأَخِّري المحدِّثين: الطَّحاويُّ، والحاكِمُ، والبَيْهَقِيُّ". وعبارةُ البيهقي في الكبرى له (١/ ٢٠٢): "وحَديثُ أبي إسحاقَ صَحيحٌ مِنْ جِهَة الرِّواية، وذلِك أنَّ أَبَا إِسْحَاقَ بَيَّنَ سَمَاعَه مِنَ الأَسْوَدِ فِي رِوَايَة زُهَير بن مُعاوية، والمُدَلَّس إِذَا بَيَّنَ سَمَاعَه مِمَّن رَوَى عَنْهُ، وكانَ ثِقَةً فَلا وَجْهِ لِرَدِّه" اهـ. وينظر: للتوسُّع في بيانِ عِلَل هذا الحديثِ، والاخْتِلافِ فيه: التَّمييز لمسلم (ص: ١٨١ - ١٨٢)، =