وهذا السلطان قد عاهد الرحمن إن لا يمزق حيوان ولا يذوق لحمان وأن يقنع بالكفاف ويسلك طريف العفاف وما ذاك لعجز ينسب إليه ولا لوهن طرأ عليه بل سمت همته عن ذلك ترفعاً وسلك طريق الملوك في أحياء هممها ومعاليها تطبعاً وبضدها تتبين الأشياء فان أحببتم كان لكم الحظ الأوفر وإن امتنعتم فقد أعذر من أنذر وبلغ من حذر وما قصر من بصر والعاقل من يتبصر عيوبه ويسلك من الخلق الجميل دروبه وقد قيل لأمير النجل ذاك الأسد الفحل كرم الله وجهه وجعل له إلى الرضوان أحسن وجهه يا أمير الامؤمنين وابن عم سيد المرسلين ممن تعلمت الأدب قال من قليل الأدب يعني إذا رأيت في أحد خلقاً ذميماً أو وصفا فسد بادرت إلى افتقاد نفسي وتأملت في حدسي وحسي هل أبا محلى بذلك الوصف أم لا فان لم يكن اجتهدت أن لا يكون وأن كان أبعد عنه عرضي وأصون وحسبك يا ذا الرتبة العالية استنكاف اللص العاقل من قول تلك الزانية فقالت الخزز للحمامة:
أخبريني بذلك الاستنكاف يا ذات الكرامة ... قالت الحمامة ذكر رواة الأخبار عن شاطر من الشطار
قد بلغ في الشطارة واللصوصية غاية المهارة يسرق الوهم من الخاطر والرائحة من الطيب العاطروالنوم من أجفان الوسنان واللماطة من أسنان الجيعان ويأتي على كوامن الغيوب فضلاً عن خزائن الجيوب ويلف الرخيص والغالي والوضيع والعالي وقد أعجز المقدم والوالي ففي بعض الأوقات قصد جهة من الجهات فبينا هو في المناهضة