بدر هذه الفائدة أذنه فلما حمله صاحبه الحمل المعهود ودخل به في طريقه المورود ووصل إلى المخاضه برك فضربوه فما قام ولا احترك وتحمل ضربه وعسفه حتى أذاب من الحمل نصفه ثم نهض انتهاضه وخرج من المخاضه ولازم هذه العادة إلى أن أفقر صاحبه وأباده فأدرك الجمال هذه الحيلة فافتكر له في داهية وبيله وعمد إلى عهن منفوش وغير في مقامرته شكل النقوش وأوسق للجمل منه جملاً بالغ فيه تعبية وثقلاً وسلط عليه الظمأ ثم دخل به إلى الماء فلما توسط الماء برك وتغافل عنه صاحبه وترك فتشرب الصوف من الماء ما يملؤه البرك ثم أراد النهوض فنأى به الربوض فقاسى من المشاق مالا يطاق ورجع هذا الفكر الوبيل على الجمل المسكين بإضعاف التثقيل فساء مصيره وكان في تدبيره تدميرء وما استفاد إلا زيادة النصب وأمثال ما كان يجده من التعب والوصب (وإنما أوردت) هذا المثل عن الجمل ليعلم الملك والحضار إن العدو الغدار والحسود المكار يتفكر في أنواع الدواهي ويفرع أنواع البلايا والرزايا كما هي الحال ويبذل في ذلك جده وجهده ولا يقصر فيما تصل إليه من ذلك يده فتارة تدرك مكايده وتعرف مصايده وتارة يغفل عن دواهيها فلا يشعر الخصم إلا وقد تورط فيها وعلى كل حال لا بد للشخص له وعليه من الأحتيال وأما طلب الصلح وإرسال الهدايا فمن أعظم المصائب وأكبر الرزايا فان ذلك يدل على عجزنا والخور وينادي على هواننا في البدو والحضر ويجرئ علينا الغريب ويذهب حرمتنا عند القريب ودونك