وفي جواره دوحة كثيرة الثمار غزيرة الأنهار نضيرة الأزهار رائقة الماء والكلا فائقة النشور والنما شائقة النشر والهوى رياحينها طريه ومروجها بهية ومقاصفها شهية فكان الأسد ذو الزهاده إذا أطال اجتهاده وأراد أن يربح نفسه من مشاق العبادة يتوجه إلى ذلك الروض الأريض والمرج البهي الغريض والمرعى الطويل العريض فيتنزه في نواحيه ويسرح سوائم طرفه فيه ويشغل صادح لسانه بتسبيح خالقه ومنشيه فبينما هو في بعض الأوقات يتمشى في تلك الخضراوات صادف دباً عظيم الجسم مليح الوسم فقبل الأرض بين يديه وذكر أنه أقبل لينتمي إليه وأنه قد سمع بأوصاف عدله ومكارم شميه وفضله فقصده ليتشبث بأذياله وينتظم في سلك خيله ورجاله ويزجى في خدمته باقي عمره ممتثلاً بارز مرسومه ونافذ أمره فتلقاه بالقبول والإقبال وشمله بالفضل والافضال وقال له طب نفساً وقر عيناً لقيت زينا ووقيت شيئاً فانتظم في سلك خدمه وانغمر في بحر كرمه واشترط عليه أن يحتمي عن لحوم الحيوان ولا يتعرض لإيذاء طائر ولا إنسان فامتثل ذلك بالسمع والطاعة وسار على سنن السنة والجماعة ثم بعد مدة يسيرة قصد الأسد مسيرة وخرج يسير على باكر وحوله طائفة من العساكر فلقى جملاً ضل الطريق وتاه عن الصاحب والصديق ونسيه الجمال وتركه الرفيق فبادر إليه جماعة الأسد وهموا بتبضيعه بالناب واليد فانهم كانوا الشدة القرم ألهبت أحشاؤهم بالضرم فناداهم الأسد ويلكم كفوا وعن التعرض إلى إيذائه عفوا لئلا لئلا يصيبه من الكيد ما أصاب صاحب كسرى ذي الأيد من كسرى لما خرج صباحاً إلى الصيد فقبل الجماعة الرغام وسألوا الإمام عن بيان ذلك الكلام