ذكرت وقد علمت ما حل بي ومع هذا فإنما عبت وعتبت على الصانع وذهلت عما أودعه في من أسرار وبدائع فانه لا اختيار لي فيما فطرني عليه ولا مدافع ولا حيله فيما قدره علي ولا ممانع واسمع ما قلت بعدما وصلت في إهانتي وجلت:
لقد كان قصدي أن أسود على الورى ... بقد وطرف كامل الخلق بارع
وددت لو أني أحسن الخلق صورة ... وأكمل من بدر السما وهو طالع
فأبدعني نقش المصور هكذا ... ولا صنع لي فيما بي الله صانع
فتنبه كسرى لكلامه وأمر بإعزازه وأكرمه وتدارك ما فرط منه بإحسانه وإنعامه (وإنما أوردت) هذا المثل لئلا يكون هذا الجمل مثل ذلك الرجل لأنه قد تصبح بي فلا أبدأ مكروهاً بسببي بل يرى الخير ويكفي أذى الغير وكذلك كل من هو عندي ومنسوب إلى من خولي وجندي ثم عاد ذلك البعير وسأله عن جليل أمره والحقير فأخبره أنه تاه عن أصحابه وأنه من بعد يتعلق بغرز ركابه ويلازم خدمة بابه كأصحابه فاكرم مثواه وأحسن متبوأه ومأواه إلى أن صار من أكبر الخدم وذا خول وحشم ورأس الندماء ورئيس الجلساء وأمن النكد والبوس وسمن حتى صار كالعروس فحسده الدب لعدم اللب وعزم بمكره على إلقائه في الجب واشتد بذلك البرم إلى أكل لحم الجمل القرم فأخذ