وهذا الأوان قد انصلح الزمان واستقام الطالع وزال الحسد والتقاطع واقتضى الزمان الصلح والصلاح والموافقة والفلاح فمشيت على موجبة وتشبثت بذيل مذهبه فخذ مالك وانصرف بارك الله لك فيه فلا حاجة لي به ولا يد لي لتقلبه (وإنما) أوردت هذا المثل أيها الجمل لتعلم أن الزمان لتقلبه في الدوران يوقع بين الأصحاب والأخوان ويباين بين الأصدقاء والخلان والأسد المجتهد وإن كان قد زهد وترك من أخلاقه ما عهد فيمكن عوده إلى حاله الأولى فالاحتراز منه في كل حال أولى وها أنا قد أخبرتك ومن سوء العاقبة حذرتك وعلى ما وصل إليه فكري أطلعتك وفرط محبتي وشفقتي عليك اقتضى إفشاء السر إليك ومن أنذر فقد أعذر ومن بصر فما قصر قال الجمل يا أخي فنترك هذا المقام ونروح ونخدم من في خدمته نستريح قال الدب الجاحد إذا كان هذا العابد الزاهد الراكع الساجد الذي قد تعفف عن أكل اللحوم وليس له دأب إلا إغاثة المظلوم قد عف عن
الدماء وقنع بأكل الحشيش وشرب الماء لا تؤمن غائلته ولا تعتمد خاتلته فإلى اين نتحول وعلى من يكون المعول وأنى نذهب وفيمن نرغب قال الجمل فكيف يكون العمل فلقد ضاقت بنا الحيل وتقطعت بنا السبل لا طريق للمفر ولا قرار للمستقر فأفكر الدب طويلاً ثم رأى رأياً وبيلاً وقال أرى الرأي السديد والفكر المفيد أن نبادر الأسد قبل وقوع النكد فنقصده بما يقصده ولا نوصله إلى ما يعتمده فالعاقل يفتكر في عواقب الأمور ويقيس بفكره