للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فقال الجمل أعلم أيها الرفيق الصديق الشفيق إن هذا الملك آوانا وأكرم مثوانا ولم نشاهد منه سوأ ولا من ظلمة باطنة أنسناضوأ ولو قصد أذانا ما وجد دافعاً ولا ممانعاً وقد علمنا أنه ترك الأذى وكف عن الشر والبذا تعففاً لا تخونا وتكرما لا تكلفاً واختيار الاضطرار وجبر الكسر نالا إجباراً وأما أنا على الخصوص فلم أر منه إلا الجميل والفضل الجزيل والإحسان العريض الطويل فلأي شيء أشرع في أذى نفسي وأكدر في حدسي ولم يظهر لي منه أماره لا بمقتضى ولا بدلالة ولا بإشارة فضلاً عن سباق أو سياق بعبارة وأنا لو مت كمدا ما قصدته بأذى ولا رديته برداء ردى والصوفي ابن الوقت لا يتقيد بنكد ولا مقت فان قصدني بعد ذلك بشر أو تعرض لي بهلاك وضر لا يسعني معه إلا التفويض والتسليم والتوكل على العزيز العليم مع أني لا أقدر على مقاومته ولا قوة لي في دفع مصادمته ولا طاقة لكسر أنيابه ومخاليبه ولا خلاص من إشراك أساليبه غير أني وإن كنت منسوباً إلى التغفل لا أدع من يدي ذيل التوكل فبالتفويض يحصل النجاح وبالتوكل يظفر بالفلاح كما جرى لذلك الفلاح مع الذئب والشجاع حال التوكل على الله تعالى والانقطاع فسأل أبو سلمه إيضاح هذه الكلمة (قال) أبو صابر بلغني من أحد الأكابر أن شخصاً فلاحاً توجه إلى ضرورة صباحاً من غير رقيق ولا حامل سلاحاً فبينما هو في البيداء سائر صادفه ذئب داعر خاتل خاتر فقصده ليكسره ففر وصعد إلى شجره فترصد نزوله وانتظره تحتها ليغوله فانعصر وعن ضرورته انحصر وبينما هو في تلك البلية وقعت عينه على حية رديه ذات قرون صاعدة وهي على بعض الفروع راقدة فازداد همه وأحاط به لوهمه غمه فاستمر بين بليتين وانحصر في ديوان داهيتين دهيتين فلم يرأ وفق من التوكل

<<  <   >  >>