للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وهو غراب البين في شؤمه ... لكن إذا جئنا إلى الحق زاغ

ولم يكن بيننا وبينه قط علاقة ولا واسطة محبة ولا صداقة وأما العداوة فإنها مستحكمة وكل منا للآخر ما كلة ومطعمه ولا أشك أنه إنما قصد طريقة سوء ومكيدة نكد فأن أضعت فيه الفرصة أطلت الغصة ووقعت من الندامة في قصة وحصة ولا يفيدني إذ ذاك الندم أني وقد فات المطلوب وزالت القدم (وأحزم الحزم سوء الظن بالناس) فالذي يقتضيه الحزم والرأي السديد والعزم القبض عليه إلى أن يظهر ما لديه ثم وثب من مريضه وأنشب في الزاغ مخاليب مقبضه وقبضه قبضه أعمى لا كالقابض على ألما فلما رأى الزاغ هذا النكد وأنه قد صار كالفريسة في مخاليب الأسد ناداه يا كريم الخير ويا أيها الجار الحليم عن الضير أنا رغبت في مصادقتك وجئتك محباً في موافقتك ومرافقك وأردت إزالة وحشتك وموانستك بإبعاد دهشتك وحاشاك أن تخيب ظني فيك وتعامل بالجفاء من يوافيك وأنشده:

وحاشاك أن تمشي بوجهك معرضاً ... وما يحسن الأعراض عن وجهك الحسن

والكرام لا يعاملون الجلساء إلا بالمؤانسة وحسن الوفاء والإبقاء على خير والبعد من الضير وأنا قد صرت جليسك وجارك وأنيسك وقد قيلوكنت جليس قعقاع بن شور ولا يشقى لقعقاع جليس مع أنه لم يسبق مني سبب عداوة ولا ما يوجب هذه الفظاظة والقساوة وهذه أول نظرة فما موجب هذه البدرة وما سبب هذه النفرة قال النمس أيها الزاغ الكثير الرواغ وانحس باغ وانجس طاغ اسمك ناطق انك منافق وهو خبر صادق إذ هو في الخارج للواقع مطابق ورؤيتك شاهده أنك تنقض المعاهدة وعين منظرك دل على مخبرك وقد قيل:

<<  <   >  >>