للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والمجاهل وائتلفت تلك الطوائف والأمم وانتشر صيت عدلها في العرب والعجم واخترع كما ذكر أنواع سياسات وقرر للمملكة قواعد بنيان وأساسات ألف بها بين تلك الطوائف فلم ير بينهم مخالف ولا غير موالف على سعة ممالكهم واختلاف مسالكهم وتعدد أديانهم وتفاوت كيل أخلاقهم وميزانهم فانهم كانوا ما بين مسلمين ومشركين ومجوس وأرباب ناقوس ويهود ومن لا يدين لمعبود وصباه وغواه وعباد الشمس والنجوم ومن يسجد لها أو أن الرجوم وكل منهم بتعصب لمذهبه ويغض من مذهب صاحبه فلم يتعرض لأحد في دينه ولا وقف له في طريق اعتقاده ويقينه وأما هو فلم يتقيد بدين لا كافر مع الكافرين ولا ملحد مع الملحدين ولا يتعصب بملة من الملل ولا يميل لنحلة من النحل بل يعظم علماء طل طائفة ويحترم زهاد كل ملة على دينهاعاكفة وبعد تلك الخصلة قربه حيث يعظم كل دين وحزبه وكل من احتار من أولاده وأسباطه وأحفاده وأمرائه ورعيته وأجناده ديناً من الأديان لا يعترض عليه أي دين كان فبعضهم كان مسلماً حنيفاً وبعض كان يهودياً وبعض نصرانياً مجوسياً إلى غير ذلك من الإلحاد والزندقة وعدم الاعتقاد وحيث لم يتعرضوا إلى دنياه ولا نازعوا ملكه الذي تولاه لم يشاققهم في دينهم ولم يوافقهم في يقينهم واخترع هو لنفسه في الملك قواعد حمل عليها المقارب والمباعد ثم لما لم يكن له كتاب ولا خط ولا لأولئك الحروف قلم يعرفون به قط أمر أذكياء قبيلته وعقلاء مملكته أن يضعوا له خطاً وقلماً يكون لهم علما وعلما فوضعوا له قلم المغل واشتغلوا به أهم شغل نسبوه إلى قبيلته

<<  <   >  >>