للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أنس «لَيْسَ مِنَ الْكَلامِ شَيْءٌ إِلا وَالشَّفَتَانِ تَلْتَقِيَانِ إِلا مَا كَانَ مِنْ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ فَإِنَّ الشَّفَتَيْنِ لَا تَلْتَقِيَانِ بِهَا مِنْ حَلاوَتِهَا وَعِظَمِهَا فَاسْتَكْثِرُوا مِنَ التَّوْحِيدِ فِي ابْتِدَاءِ كلامكم وَآخره» إِسْنَاده ظلمات فِيهِ أَرْبَعَة كذابون،

وَعنهُ: «مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلا الله ومدها هدمت لَهُ أَرْبَعَة آلَاف ذَنْب من الْكَبَائِر»

فِيهِ نعيم كَذَّاب.

[مناقشة دَار الحَدِيث:

قَالَ شَيخنَا الْمُحدث مَحْمُود الرنكوسي مَا مَعْنَاهُ أَن بعض الْعلمَاء طعنوا فِي هَذَا الحَدِيث بِسَبَب كَثْرَة الثَّوَاب الْمَوْعُود فِيهِ، وَأجَاب أَن مثل هَذَا الثَّوَاب لَا يستكثر من الله، وَأورد مِثَال الْكَافِر وَكَيف يُكَفِّر عَنهُ ذَلِك القَوْل أَكثر من تِلْكَ الذُّنُوب، فَمَا بَال الْمُسلم!

وَاسْتِيفَاء الْبَحْث فِي هَذَا الْمَوْضُوع يكون بِالنّظرِ إِلَى سَنَد الحَدِيث وَمَتنه:

أما السَّنَد فضعيف لوُجُود كَذَّاب فِيهِ،

وَأما الْمَتْن فَصَحِيح عقلا ونقلا، وَأَخْطَأ من حكم بِوَضْعِهِ بِنَاء على كَثْرَة الثَّوَاب الْمَوْعُود:.

- أما صِحَّته عقلا:

فَلَمَّا ورد أَعْلَاهُ، مُقَارنَة مَعَ إِسْلَام الْكَافِر، وَلَا يبطل هَذَا الدَّلِيل بِكَوْن الْكَافِر لم يكن مُكَلّفا، وَذَلِكَ لما سَيَأْتِي نقلا.

- وَأما صِحَّته نقلا:

- فأولا لِأَنَّهُ لَا يكبر ذَنْب مَعَ سَعَة رَحْمَة اللهِ، إِلَّا الشّرك، قَالَ تَعَالَى {إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء}

- وَثَانِيا لما روى الإِمَام أَحْمد، وَالتِّرْمِذِيّ وَقَالَ حسن غَرِيب، وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك، وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن ابْن عَمْرو:

إِن الله سيخلص رجلا من أمتِي على رُؤُوس الْخَلَائق يَوْم الْقِيَامَة فينشر عَلَيْهِ تِسْعَة وَتِسْعين سجلا كل سجل مثل مد الْبَصَر ثمَّ يَقُول: أتنكر من هَذَا شَيْئا؟ أظلمك كتبتي الحافظون؟ فَيَقُول: لَا يَا رب! فَيَقُول: أَفَلَك عذر؟ فَيَقُول: لَا يَا رب! فَيَقُول: بلَى، إِن لَك عندنَا حَسَنَة، وَإنَّهُ لَا ظلم عَلَيْك الْيَوْم. فَتخرج بطاقة فِيهَا «أشهد أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله» . فَيَقُول: أحضر وزنك. فَيَقُول: يَا رب، مَا هَذِه البطاقة مَعَ هَذِه السجلات؟ فَيُقَال: فَإنَّك لَا تظلم. فتوضع السجلات فِي كفة، والبطاقة فِي كفة، فطاشت السجلات وثقلت البطاقة، وَلَا يثقل مَعَ اسْم الله تَعَالَى شَيْء.

فَهَذَا نَص صَرِيح فِي مَوْضُوع الْبَحْث، وَانْظُر تَعْلِيله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: «وَلَا يثقل مَعَ اسْم الله تَعَالَى شَيْء» .

- وثالثا لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:

إِن الله تَعَالَى حرم على النَّار مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلا الله يَبْتَغِي بذلك وَجه الله تَعَالَى.

رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَن عتْبَان بن مَالك (كشف الخفاء) .

ختاما يتَبَيَّن خطأ من حكم على الحَدِيث بِالْوَضْعِ، ونرى سَبَب إِصْرَار عُلَمَاؤُنَا، جزاهم الله الْخَيْر، على قصر تَصْحِيح وتضعيف الْأَحَادِيث على أكَابِر محدثي هَذِه الْأمة.

عرفان الرِّبَاط وغياث حَامِد، دَار الحَدِيث]

<<  <   >  >>