للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٢٨ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي صَدَقَةُ بْنُ بَكْرٍ، سَمِعْتُ كِلَابَ بْنَ جُرَيٍّ، قَالَ: رَأَيْتُ شَابًّا بِبَيْتِ الْمَقِدسِ قَدْ عَمِشَ مِنْ طُولِ الْبُكَاءِ فَقُلْتُ لَهُ: يَا فَتَى كَمْ تَكُونُ الْعَيْنُ سَلِيمَةً عَلَى هَذَا الْبُكَاءِ؟ قَالَ: فَبَكَى ثُمَّ قَالَ «كَمْ شَاءَ رَبِّي فَلْتَكُنْ وَإِذَا شَاءَ سَيِّدِي فَلْتَذْهَبْ فَلَيْسَتْ بِأَكْرَمَ عَلَيَّ مِنْ بَدَنِي إِنَّمَا أَبْكِي رَجَاءَ السُّرُورِ وَالْفَرَحِ فِي الْآخِرَةِ وَإِنْ تَكُنِ الْأُخْرَى فَهُوَ وَاللَّهِ شَقَاءُ الدَّهْرِ وَحُزْنُ الْأَبَدِ، وَالْأَمْرُ الَّذِي كُنْتُ أَخَافُهُ وَأَحْذَرُهُ عَلَى نَفْسِي وَإِنِّي احْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ غَفْلَتِي فِي نَفْسِي وَتَقْصِيرِي فِي حَظِّي ثُمَّ غُشِيَ عَلَيْهِ» قَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: أَنْشَدَنِي مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ الْجَوْرِيُّ:

[الْبَحْر الْبَسِيط]

إِنِّي أَرِقْتُ وَذِكْرُ الْمَوْتِ أَرَّقَنِي ... فَقُلْتُ لِلدَّمعِ أَسْعِدْنِي فَأَسْعَدَنِي

إِنْ لَمْ أَبْكِ لِنَفْسِي مُشْعِرًا حُزْنًا ... قَبْلَ الْمَمَاتِ وَلَمْ أَرِقْ لَهَا فَمَنِ

يَا مَنْ يَمُوتُ وَلَمْ تُحْزِنْهُ مِيتَتُهُ ... وَمَنْ يَمُوتُ فَمَا أَوْلَاهُ بِالْحُزْنِ

إِنِّي لَأُرْقِعُ أَثْوَابِي وَيُخْلِقُهَا ... جَدَبُ الزَّمَانِ لَهَا بِالْوَهَنِ وَالْعَفَنِ

لِمَنْ أُثْمِرُ أَمْوَالِي وَأَجْمَعُهَا ... لِمَنْ أَرْوَحُ لِمَنْ أَغْدُ لِمَنْ لِمَنِ

لِمَنْ سَيُوقِعُ بِي لَحْدِي وَيَتْرُكُنِي ... تَحْتَ الثَّرَى تَرِبَ الْخَدَّيْنِ وَالذَّقْنِ

<<  <   >  >>