للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذكر عبد الرزّاق عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن ابن أبي ليلى الكِنْدي عن سَلمان: "أنّه كان مع قوم في السفر فحضرت الصلاة، فقالوا له: صلِّ، فقال: إنّا لا نَؤُمُّكم ولا نَنكِح نساءَكم، وأبى، فتقدّم رجل من القوم فصلّى أربع ركعات؛ فلمّا سلّم قال سلمان: ما لنا وللمُرَبَّعة؟ إنّما كان يكفينا نصف المربَّعة، ونحن إلى الرخصة أحوج" (١)، فلم يُعِد سلمان الصلاة، وأخبر أنّ القصر رخصة فتدبّر.

ومِمّا يقدح في حديث عائشة إتمامها في السفر، ومثله - أيضًا - إجماع الفقهاء على أنّ المسافر إذا صلّى خلف المقيم وأدرك معه ركعة تامّة أنّه يصلّي أربعًا، ولو كان فرضُ المسافر ركعتين لم ينتقل إلى أربع مع إمامه، كما أنّ المقيم إذا صلّى به المسافر لا ينتقل فرضه للائتمام بإمامه، بل يتمّ صلاته بعد سلام إمامه المسافر كما أمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[و] (٢) عمر بعده، حيث قالا بمكة - كلّ واحد منهما في وقته لمن صلى معهما من المقيمين وهما مسافران: "أَتِمُّوا صَلاتَكُمْ، فَإِنَّا قَوْمٌ سُفْرٌ" (٣)، ولم يبلغنا أنّ أحدًا من علماء المسلمين نهى


(١) أخرجه عبد الرزّاق في "المصنّف" (٢/ ٤٢٨٣/٥٢)، وابن أبي شيبة (٢/ ٢٠٤/ ٨١٦٠)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (١/ ٤١٩)، والبيهقي في "الكبرى" (٢/ ١٤٤)، كلّهم من طريق أبي إسحاق - وهو السبيعي - عن أبي ليلى الكندي به، وهو صحيح.
(٢) ليست بالأصل وهي متعيَّنة.
(٣) أخرجه أبو داود في [كتاب الصلاة (١٢٢٩) باب متى يتمّ المسافر؟ ]، والإمام أحمد في "المسند" (٤/ ٤٣٢)، والطيالسي (١/ ١٢٤، ١٢٥)، والبيهقي في "الكبرى" (٣/ ١٣٥) من حديث عمران ابن حصين قال: "غزوت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وشهدت معه الفتح، فأقام بمكّة ثماني عشرة ليلة لا يصلّي إلاّ ركعتين، ويقول: "يا أهل البلد صلّوا أربعًا، فإنّا قوم سَفْر"".
ومدار هذه الأسانيد على علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف، ولهذا ضعّفه الألباني، كما في "ضعيف أبي داود".=

<<  <   >  >>