للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ} (الشورى: من الآية٥١) ، وغيرها، وكذا تكليم عباده يوم القيامة، وغير ذلك من النصوص، وكلها تدل على تجدد تكليم من جهته تعالى (١) .

وقد حاول بعض الحنابلة - كالقاضي أبي يعلي وابن الزاغوني - أن يفسروا قول الإمام أحمد: "لم يزل الله متكلما إذا شاء" بما يوافق مذهبهم الكلابي، وقد ناقش شيخ الإسلام هذه المسألة وبين خطأ هؤلاء في تفسيرهم لكلام الإمام أحمد، مبينا أن تفسير هؤلاء - وغيرهم - للسكوت بأنه عدم خلق إدراك لغيره - غير معقول (٢) .

وجمهور الأشاعرة يمنعون من أن يوصف الله بالسكوت ويجعلون ذلك من حججهم على قولهم بأن كلام الله قديم، فإن لهم في ذلك حجتين:

الحجة الأولى: أنه لو لم يكن الكلام قديما للزم أ، يتصف في الأزل بضد من أضداده، إما السكوت وإما الخرس، ولو كان أحدهما قديما لامتنع زواله وامتنع أن يكون متكلما فيما لا يزال، ولما ثبت أنه متكلم فيما لم يزل ثبت أنه لم يزل متكلما، وأيضاً فالخرس آفة ينزه الله عنها.

والحجة الثانية: أنه لو كان مخلوقا لكان قد خلق إما في نفسه، أو في غيره، أو قائما بنفسه، والأول ممتنع، لأنه يلزم أن يكون محلا للحوادث، والثاني باطل، لأنه يلزم أ، يكون كلاما للمحل الذي خلق فيه، والثالث باطل لأن الكلام صفة والصفة لا تقوم بنفسها، فلما بطلت الأقسام الثلاثة تعين أنه قديم" (٣) .

والحجة الثانية هي الحجة المشهورة التي بنوا عليها مذهبهم في كلام الله وفي الصفات الاختيارية وهي مسألة حلول الحوادث التي منعوها (٤) .


(١) انظر: درء التعارض (٤/١٢٨-١٢٩) .
(٢) انظر: تفصيل ذلك في مجموع الفتاوى (٦/١٥٧-١٦٣) ، وشرح الأصفهانية (ص:٢٠٤-٢٠٥) - ت السعوي - ط على الآلة الكاتبة.
(٣) مجموع الفتاوى (٦/٢٩١) .
(٤) انظر: التسعينية (ص:١٠١-١٠٢) ، ومجموع الفتاوى (٦/٥١٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>