للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوحهين لا يحتج به، يعني لإرساله، قال: وحديث زيد إنما هو في ابتداء السلام يريد: أي الرّدّ آكد (١)، والآية عامّهَ فلا تُخصّص إلا بما يجب التسليم له (٢).

٢٤ / حديث: "أعطُوا السائلَ وإن جاء على فرَس".

في الجامع، عند آخره (٣).


(١) لم أقف على قول أبي جعفر الطحاوي في كتابيه شرح معاني الآثار، وشرح مشكل الآثار، وقد ذكره ابن عبد البر في التمهيد (٥/ ٢٨٨).
(٢) اتفق العلماء على أن الابتداء بالسلام سنة وفضيلة مرغَّب فيها، وأمَّا ردّه فهي فريضة لقوله تعالى: ﴿وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا﴾، لكنهم اختلفوا هل هو فرض على الكفاية أو على الأعيان؟ فذهب مالك والشافعي وفقهاء الحجاز إلى أن الردَّ فرض على الكفاية.
وذهب الكوفيون إلى أن السلام المبتدأ تطوع، وردّه فريضة على الأعيان، وحملوا حديث زيد بن أسلم على ابتداء السلام. وقد ناقش ابن عبد البر الطحاوي ثم قال: "ليس مع الطحاوي فيما قال أثر يحتج به مرسل ولا مسند".
قلت: ظاهر صنيع المؤلف يؤيد مذهب الكوفيين، لأنَّه نقل عن أبي داود قوله في عدم صحة: "وإذا سلّم من القوم واحد أجزأ عنهم"، ثم أتبعه بقول الطحاوي في رد مرسل زيد وأبي النضر لإرسالهما، ثم قال: "والآية عامة … "، يريد أن قوله تعالى: ﴿فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا﴾ عام يشمل جميع الأعيان، فالقول بإجزاء الواحد عن الجماعة تخصيص، فلا يسلّم إلا بما يجب التسليم له، وليس هنا ما يجب التسليم له. انظر: التمهيد (٥/ ٢٨٧ - ٢٩٠)، والاستذكار (٢٧/ ١٣٤ - ١٣٧).
(٣) الموطأ كتاب: الصدقة، باب: الترغيب في الصدقة (٢/ ٧٦١) (رقم: ٣).
هكذا رواه مالك عن زيد مرسلًا، ووصله ابن عدي في الكامل (٤/ ١٥٠٤) من طريق عبد الله بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن أبي صالح، عن أبي هريرة به.
وعبد الله بن زيد مختلف فيه، ضعّفه يحيى بن معين، وأبو زرعة، ووثّقه أحمد وغيره، وقال الحافظ عنه: "صدوق فيه لين". انظر: تهذيب الكمال (١٤/ ٥٣٥ - ٥٣٨)، وتهذيب التهذيب (٥/ ١٩٥ - ١٩٦)، والتقريب (رقم: ٣٣٣٠).
ورواه ابن عدي أيضًا في الكامل (٥/ ١٨٧٨) من طريق عاصم بن سليمان الكوزي، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة به.
وعاصم متروك الحديث، بل قال ابن عدي نفسه: "يُعدُّ فيمن يضع الحديث".

<<  <  ج: ص:  >  >>