للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>


= فقال ابن عبد البر: "إنَّه غير معروف".
وأعلّه المنذري بالانقطاع فقال: "الزهريّ لم يدرك عثمان بن عفان".
ورده ابن حجر بحرمة الإقامة عليه بعد الهجرة.
وروى أبو داود في السنن (٢/ ٤٩٣) (رقم: ١٩٦٤)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (١/ ٤٢٥)، والبيهقي في السنن الكبرى (٣/ ١٤٤) من طريق أيوب، عن الزهريّ قال: "إنَّما صلى عثمان بمنى أربعًا؛ لأنَّ الأعراب قد كانوا كثروا في ذلك العام، فأحبَّ أن يعلّمهم أن الصلاة أربع".
وروى البيهقي في السنن الكبرى (٣/ ١٤٤) أيضًا من طريق عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، عن عثمان: أنه أتمَّ بمنى ثم خطب فقال: "يا ايها الناس إنَّ السنة سنة رسول الله وسنة صاحبيه، ولكنه حَدَث طُغام، فخفتُ أن يستنوا".
قال الحافظ: "هذه طرق يقوي بعضها بعضًا، ولا مانع من أن يكون أصل سبب الإتمام صريحًا". فتح الباري (٢/ ٦٦٤).
لكن ردَّ الطحاوي هذا الوجه، وردُه وجيه فقال: "إن الأعراب كانوا بالصلاة وأحكامها في زمن رسول الله أجهل منهم بها في زمن عثمان، وهم بأمر الجاهلية حينئذ أحدث عهدًا، فلما كان رسول الله لم يتم الصلاة لتلك العلة كان عثمان أحرى أن لا يتم بهم الصلاة لتلك العلة". شرح معاني الآثار (١/ ٤٢٥ - ٤٢٦).
وهناك أقوال أخرى في سبب إتمام عثمان وتأويله، ذكرها ابن عبد البر والحافظ وغيرهما، وأكثرها تخرصات لا تقوم على بينة ودليل، قال الحافظ عقب تلك الأقوال: "أكثره لا دليل عليه بل هي ظنون ممن قالها"، ثم ذكر الوجه المختار عنده من أن عثمان كان يرى القصر مختصًا بمن كان شاخصًا سائرًا، وأما من أقام في مكان في أثناء سفره فله حكم المقيم فيتم، قال: "والحجة فيه ما رواه أحمد بإسناد حسن عن عباد بن عبد الله بن الزبير قال: "لما قدم معاوية حاجا صلى بنا الظهر ركعتين بمكة ثم انصرف إلى دار الندوة، فدخل عليه مروان وعمرو بن عثمان فقالا: لقد عبت أمر ابن عمك؛ لأنه كان قد أتم، فقال: وكان عثمان حيث أتمَّ الصلاة إذا قدم مكة صلى بها الظهر والعصر والعشاء أربعًا أربعًا، ثم خرج إلى منى وعرفة قصر الصلاة".
قلت: ولعل الأرجح في سبب إتمام عائشة وعثمان أنهما كانا يريان القصر رخصة يجوز الإتيان به وعدمه، فروى البيهقي في السنن الكبرى (٣/ ١٤٣) من طريق هشام بن عروة، عن أبيه: "أنها كانت تصلي في السفر أربعا، فقلتُ لها: لو صلّيت ركعتين، فقالت: يا ابن أختي، إنه لا يُشقُّ علي"، قال الحافظ: "إسناده صحيح، وهو صريح في سبب إتمام عائشة".
وهذا السبب في إتمام عثمان هو ما رجّحه البيهقي فقال: "والأشبه أن يكون رآه رخصة فرأى =

<<  <  ج: ص:  >  >>