للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

جعل ذلك في مقابلة العين؛ لأن العين تصلح للثمنية كالدين، وعبر "المنهاج" عن ذلك بالنقد فقال [ص ٥٧٦]: (ومتى ادعى نقداً .. اشترط بيان جنس ونوع وقدر وصحة وتكسر إن اختلفت بهما قيمة) وهو أقرب من التعبير بالثمن، لكن لا يختص ذلك بالنقد؛ فسائر الديون من الحبوب والقماش والحيوان وغيرها كذلك؛ ولهذا عبر "التنبيه" بالدين فقال [ص ٢٦١]: (وإن كان المدعى ديناً .. ذكر الجنس والصفة والقدر) وكذلك عبر الماوردي والبغوي وصاحب "الذخائر" وغيرهم (١)، وهي أحسن العبارات، وأظن من عبر بالثمن أو النقد إنما حوّم على ذلك فقصّر في التعبير عنه، وهنا أمور:

أحدها: اتفقوا على أنه لابد من ذكر الجنس، وقال شيخنا في "تصحيح المنهاج": لا معنى لذكره، وذكر النوع كاف في ذلك إذا عرف منه الجنس؛ مثل أن يقول: أستحق عليه صاعاً برنياً من نخل المدينة مثلاً.

قلت: الظاهر عدم الاكتفاء بذلك؛ فإن ذلك صادق بالرطب والبلح، ولا ينحصر في الثمن.

ثانيها: ذكر "المنهاج" و"الحاوي" النوع ولم يذكرا الصفة، وعكس ذلك "التنبيه"، وفسر شارحه ابن يونس الصفة بأن يقول: قاساني أو سابوري، قال في "الكفاية": وهذا بيان نوع لا بيان صفة، وقد نبه على ذلك الشيخ في باب الربا (٢)، ولا يتوهم أن النوع والصفة شيء واحد؛ لجمعه في "المهذب" بينهما (٣).

قلت: وقد جمع بين ذكر النوع والصفة الماوردي والبغوي وصاحب "الذخائر" والرافعي في "الشرح الصغير" (٤)، وقال في "الكفاية": أي الصفة التي تختلف بها الأغراض، وحكى عن الماوردي أنه صرح فيما إذا كان سلماً .. بأنه لابد من ذكر شروط السلم (٥).

ثالثها: يستثنى من بيان القدر ما هو معروف القدر كالدينار الشرعي؛ فلا يحتاج فيه إلى بيان الوزن كما جزم به في "أصل الروضة"، وفي معناه: الدرهم الشرعي، وهل يكفي في الدرهم الفلوس إطلاقه كالدرهم الفضة، أم لا بد من بيان مقداره كسائر المثليات؛ لاختلافه باختلاف الأوقات والأمكنة؟ فيه نظر، والأقرب الثاني.

رابعها: تناول إطلاق "المنهاج" النقد المغشوش، لكن في "أصل الروضة" عن الشيخ أبي حامد وغيره: أنه يدعي بمائة درهم من نقد بلد، كذا قيمتها كذا ديناراً، أو ديناراً من نقد كذا


(١) انظر "الحاوي الكبير" (١٧/ ٢٩٣)، و"التهذيب" (٨/ ٣٢٠).
(٢) انظر "التنبيه" (ص ٩٢).
(٣) المهذب (٢/ ٣١٠).
(٤) انظر "الحاوي الكبير" (١٧/ ٢٩٣)، و"التهذيب" (٨/ ٣٢٠).
(٥) انظر "الحاوي الكبير" (١٧/ ٢٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>