للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أحلف .. لم يسمع)، وحكاه في "أصل الروضة" عن الإِمام وغيره (١)، وإنما قاله الإِمام من عنده لا نقلًا، وخالفه في الإقرار، فقال: لو بدأ منه النكول ثم عاد فرغب .. فله أن يحلف قبل جريان القضاء بنكوله، ثم قال: فالتعويل إذًا على القضاء بالنكول (٢).

قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": وهو الأرجح؛ لأنه مختلف فيه، فلا بد فيه من الحكم في محل الاجتهاد، ويوافقه قول القاضي حسين والبغوي: لو هرب الناكل قبل الحكم بنكوله .. لم يكن للمدعي أن يحلف يمين الرد، وحكاية الماوردي خلافًا في أنه هل يفتقر إلى حكم القاضي بالنكول قبل رد اليمين أم لا؟ لأن ردها عليه حكم بالنكول، قال في "المطلب": وحاصله أنه لا بد من القضاء بالنكول، لكن صريحًا أو ضمنًا.

ثالثها: ظاهره اعتبار مطلق السكوت، وذكر شيخنا في "تصحيح المنهاج": أن المعتبر أن يمضي من سكوته زمن يسع قوله: لا أحلف، أو أنا ناكل.

رابعها: مقتضاه: أنه لا يتمكن من الحلف بعد الحكم بنكوله، وهو كذلك، إلا أن يرضى المدعي بحلفه .. فله ذلك في الأصح، وقد ذكره "الحاوي" (٣).

٦٣٠٨ - قول "المنهاج" [ص ٥٨٠]: (واليمين المردودة في قول كبينة) يعني به: مجموع النكول واليمين المردودة، وقال شيخنا في "تصحيح المنهاج" هذا القيد مقيد بقيود نذكرها في معرض التنبيهات:

الأول: أنها كالبينة في حق المدعى عليه؛ فلا يتعدى لثالث في الأصح.

الثاني: أنها ليست كالبينة في حد الزنا.

الثالث: أن يكون الحلف في المردودة على الإثبات، فلو كان على النفي كما في مثالين:

أحدهما: الرد من المدعي كالموح ونحوه ممن يصدق في الرد إذا رد اليمين على المودع فحلف على أنه لم يرد عليه شيئًا .. لم يكن كالبينة؛ لأن البينة لا تسوغ بالنفي في مثل هذا، بل هي كالإقرار قطعًا.

المثال الثاني: لو قال المديون لصاحب الدين: أبرأتني من دينك، أو قضيته، فأنكر ونكل، فحلف المدعي .. اتجه أنه كالإقرار؛ لأن البينة لا تسوغ بالنفي في مثل هذا، قال: ولم أر من تعرض له، بل كلامهم فيما لو أقام مدعي الإبراء أو الأداء بينة به بعد نكوله عن اليمين، وحلف المدعي يخالف هذا.


(١) الروضة (١٢/ ٤٤).
(٢) انظر "نهاية المطلب" (٧/ ٨٨).
(٣) الحاوي (ص ٦٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>